[(تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ* يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَاتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ)].

(تِلْكَ الرُّسُلُ) إشارة إلى جماعة الرسل التي ذكرت قصصها في السورة، أو التي ثبت علمها عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) لما أوجب ذلك من تفاضلهم في الحسنات. (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ): منهم من فضله اللَّه بأن كلمه من غير سفير، وهو موسى عليه السلام. وقرئ: (كلم اللَّه) بالنصب، وقرأ اليماني: (كالم اللَّه) من المكالمة، ويدل عليه قولهم: كليم اللَّه بمعنى مكالمه. (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) أي: ومنهم من رفعه على سائر الأنبياء فكان بعد تفاوتهم في الفضل أفضل منهم درجات كثيرة، والظاهر أنه أراد محمداً صلى اللَّه عليه وسلم، لأنه هو المفضل عليهم؛ حيث أوتي ما لم يؤته أحد من الآيات المتكاثرة المرتقية إلى ألف آيةٍ أو أكثر. ولو لم يؤت إلا القرآن وحده لكفى به فضلاً منفياً على سائر ما أوتي الأنبياء، لأنه المعجزة الباقية على وجه الدهر دون سائر المعجزات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والمزند: المبخل المقلل، وكان من حق التقسيم أن يقول: ومنهم مزندون، لكنه اكتفى بـ "من" الأول، ومثله. قوله تعالى: (مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ) [هود: 100]، وسمعت أبا علي الفارسي يقول: كل صفتين تتنافيان وتتدافعان فلا يصح اجتماعهما لموصوف، لابد من إضمار "من" معهما إذا فصل جملة بهما متى لم يجيء ظاهراً، وقال المرزوقي: ومن الرجال رجال كالأسود عزة وأنفة لا يطلب اقتسارهم، ومنهم متقاربون كالقماش واللفائف جمعوا على ما اتفق من شيء إلى شيء، كأنه لم يقنعه ذلك التشبيه وتلك القسمة فاستأنفها على وجه آخر، يعني: بين الصنفين تفاوت عظيم وتباين شديد، وذكر البعض بدلاً عن قوله: "ومنهم"؛ لأن من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015