(وَثَبِّتْ أَقْدامَنا): وهب لنا ما نثبت به في مداحض الحر من قوّة القلوب وإلقاء الرعب في قلب العدو، ونحو ذلك من الأسباب. كان إيشى أبو داود في عسكر طالوت مع ستة من بنيه، وكان داود سابعهم، وهو صغير يرعى الغنم، فأوحي إلى أشمويل: أنّ داود بن إيشى هو الذي يقتل جالوت، فطلبه من أبيه فجاء وقد مرّ في طريقه بثلاثة أحجارٍ دعاه كل واحدٍ منها أن يحمله، وقالت له: إنك تقتل بنا جالوت، فحملها في مِخلاته ورمى بها جالوت فقتله، وزوّجه طالوت بنته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا): وهب لنا ما نثبت فيه في مداحض الحرب من قوة القلوب وإلقاء الرعب في قلب العدو ونحو ذلك) وفي قوله: "في مداحض الحرب" إشارة إلى أن قوله: (وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا) ترشيح لاستعارة "أفرغ" لـ "هب"؛ لأن المقام الدحض ملائم لإفراغ الماء.

الراغب: الفرغ: خلو المكان مما كان فيه، وخلو ذي الشغل من شغله، وسمي فرغ الدلو فرغاً باعتبار انصباب الماء منه، فقوله: (وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا) كلام جامع يشتمل في ذلك المقام على جميع ما يحصل به الظفر على العدو، وقال القاضي: في هذا الدعاء ترتيب بليغ، إذ سألوا أولاً إفراغ الصبر في قلوبهم الذي هو ملاك الأمر، ثم ثبات القدم في مداحض الحرب المسبب منه، ثم النصر على العدو المترتب عليهما غالباً.

وقلت: فعلى هذا الواجب أن يؤتى بالفاء دون الواو؟ والواجب ما قال صاحب "المفتاح": الواو أبلغ؛ لأن تعويل الترتيب حينئذ إلى ذهن السامع دون اللفظ، وكم بين الشهادتين، ويمكن أن تجرى الواو على ظاهرها، فإنهم طلبوا أولاً إفراغ الصبر على قلوبهم عند اللقاء، ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015