وروي: أنّ الغرفة كانت تكفى الرجل لشربه وإداوته والذين شربوا منه اسودّت شفاههم وغلبهم العطش.
[(وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ* فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ)].
وجالُوتَ: جبار من العمالقة من أولاد عمليق بن عادٍ، وكانت بيضته فيها ثلاثمائة رطل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمدجج: تام السلاح، وأراد بالفارسي المسرد: الدروع، الراغب: ظن ها هنا هو المفسر باليقين عند أهل اللغة، وهو المعرفة الحاصلة عن أمارة قوية، يدل على ذلك استعمال أن المشددة، لأن الظن إذا أريد به العلم استعمل معه أن: المشددة أو المخففة، منها: (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى) [المزمل: 20]، وإذا أريد الشك استعمل "أن" الناصبة للفعل.
قوله: (أن الغرفة كانت تكفي الرجل لشربه وإداوته)، هذا مثال قاصدي الآخرة الذين اقتنعوا بالبلغة وجعلوا الدنيا زاداً للآخرة، والذين شربوا منه اسودت شفاههم وغلبهم العطش. هذا مثال عابدي الدنيا وطالبيها لم يقتنعوا بالقليل ولم يشبعوا بالكثير، فأفضى بهم الحرص إلى السعير.
قوله: (بيضته فيها ثلاث مئة رطل) من باب التجريد، أي: هي في نفسها هذا المبلغ، كقوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب: 21]، جرد منه صلوات الله عليه شيء يسمى قدوة، وهو في نفسه هي.