وقيل: هو الزوج، وعفوه: أن يسوق إليها المهر كاملاً، وهو مذهب أبي حنيفة، والأوّل ظاهر الصحة. وتسمية الزيادة على الحق عفواً فيها نظر، إلا أن يقال: كان الغالب عندهم أن يسوق إليها المهر عند التزوّج، فإذا طلقها استحقّ أن يطالبها بنصف ما ساق إليها، فإذا ترك المطالبة فقد عفا عنها، أو سماه عفواً على طريق المشاكلة. عن جبير بن مطعم: أنه تزوج امرأة وطلقها قبل أن يدخل بها، فأكمل لها الصداق، وقال: أنا أحق بالعفو. وعنه: أنه دخل على سعد بن أبى وقاص فعرض عليه بنتاً له، فتزوّجها، فلما خرج طلقها، وبعث إليها بالصداق كاملاً. فقيل له: لم تزوّجتها؟ قال: عرضها علىّ فكرهت ردّه. قيل: فلم بعثت بالصداق؟ قال: فأين الفضل؟ و (الْفَضْلَ): التفضل،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مذهب مالك رضي الله عنهم. الإنصاف: عند الشافعي قولان: فالزمخشري نقل أحد قوليه، وقال القاضي: وذلك إذا كانت المرأة صغيرة، وهو قول قديم.
قوله: (وقيل: هو الزوج)، وهو أوفق للنظم؛ لأن الزوج هو المالك لعقد النكاح وحله، كأنه قال: (إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ) أي: المطلقات، أو يعفو الأزواج، فأقيم المظهر موضع المضمر، لكن في تسمية سوق المهر إليها كاملاً بالعفو- والحق نصف المهر- بعد، وإليه الإشارة بقوله: "فيها نظر"، قال صاحب "الإيجاز": وعفوه إذا سلم كل المهر أن لا يرتجع النصف بالطلاق، أو إن لم يسلم وفاه كاملاً، كأنه من: عفوت الشيء: إذا وفرته وتركته حتى يكثر، وفي الحديث "ويرعون عفاها" والعفا: ما ليس لأحد فيه ملك.
قوله: (والأول ظاهر الصحة) يعني: تفسير قوله: (الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) بالولي على الصغيرة إذا كان أباً ظاهر الصحة؛ لأن العفو مجرى على ظاهره.