أو حق ذلك حقاً، (عَلَى الْمُحْسِنِينَ): على الذين يحسنون إلى المطلقات بالتمتيع. وسماهم قبل الفعل محسنين كما قال صلى اللَّه عليه وسلم: «من قتل قتيلاً فله سلبه». (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) يريد المطلقات.
فإن قلت: أي: فرق بين قولك: الرجال يعفون، والنساء يعفون؟ قلت: الواو في الأوّل ضمير "هم"، والنون علم الرفع، والواو في الثاني لام الفعل، والنون ضمير "هنّ"، والفعل مبني لا أثر في لفظه للعامل، وهو في محل النصب، «ويعفو» عطف على محله. و (الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ): الولىّ، يعني: إلا أن تعفو المطلقات عن أزواجهن فلا يطالبنهم بنصف المهر، وتقول المرأة: ما رآني، ولا خدمته، ولا استمتع بي، فكيف آخذ منه شيئاً! أو يعفو الوليّ الذي يلي عقد نكاحهن، وهو مذهب الشافعي. .........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (عَلَى الْمُحْسِنِينَ) على الذين يحسنون إلى المطلقات بالتمتع)، الراغب: إن قيل: ما وجه تخصيص المحسنين في هذه الآية والمتقين في قوله: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) [البقرة: 241]، وهلا دل ذلك على أنه غير واجب إذا كانت الواجبات من المشروعات لا يختلف فيها المتقي والمحسن وغيرهما؟ قيل: قد نظر بعض الناس هذا النظر، وقال: لما كان الإحسان قد يكون لما يزيد على الواجب، وقد خص بذلك المحسنين، دل على أن ذلك حث على المعروف لا إيجاب، وقال أكثرهم: إن ذكر المحسنين والمتقين لا لتخصيص الإيجاب، بل للتأكيد، وإنه من تمام الإحسان والتقوى، كما أن قوله: (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة: 2] ليس بتخصيص أنه لا يهتدي به إلا المتقون، لكن تنبيه على أن الاهتداء به من تمام التقوى. وقلت: المحسنين من وضع المظهر موضع المضمر إشعاراً بالعلية، أي: حقاً عليكم، بدليل قوله: (لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) أي: من شأنكم أيها المخاطبون وجوب شرعية المتعة لكونكم محسنين.
قوله: (وهو مذهب الشافعي) أي: المراد بالذي يعفو: الولي، "الانتصاف": هذا الذي عزاه إلى الشافعي ليس بصحيح، بل مذهبه كمذهب أبي حنيفة، إنما المنسوب إلى الشافعي هو