أي: ولا تنسوا أن يتفضل بعضكم على بعض وتتمرؤوا ولا تستقصوا. وقرأ الحسن (أو يعفو الذي) بسكون الواو. وإسكان الواو والياء في موضع النصب تشبيه لهما بالألف، لأنهما أختاها. وقرأ أبو نهيك: (وأن يعفو) بالياء. وقرئ: (ولا تنسوا الفضل) بكسر الواو.
[(حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ* فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)].
(الصَّلاةِ الْوُسْطى) أي: الوسطى بين الصلوات، أو الفضلى، من قولهم للأفضل: الأوسط. وأنما أفردت وعطفت على (الصلاة) لانفرادها بالفضل، وهي صلاة العصر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وتتمرؤوا) أي: تصيروا أصحاب مروءة.
قوله: (وإنما أفردت وعطفت على (الصَّلَوَاتِ) لانفرادها بالفضل). قال الزجاج: إن الله عز وجل قد أمر بالمحافظة على جميع الصلوات، إلا أن هذه الواو إذا جاءت مخصصة فهي دالة على المعنى الذي تخصصه كقوله تعالى: (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ) [البقرة: 98] فذكرا مخصوصين لفضلهما على الملائكة.
وقلت: معنى قوله هو: أن الثاني إن كان في الظاهر كالتخصيص للأول، لكن الأول جيء به توطئة، فيكون الثاني بياناً لإرادة ما استجملت له الأول، فإن بني إسرائيل ما تكلموا إلا في جبريل، فذكر الملائكة عليهم السلام توطئة لشرفه عليهم كما سبق في موضعه، ولولا الثاني لم يعلم المراد من ذكر الأول، وهو المراد بقوله: "فهي دالة على المعنى الذي تخصِّصُّه".