لاقتحامه في الحروب والغارات، وأنه يمرّ على نسائه مدة كمدة العدة ضائعة لا يضاجعن فيها، أو أراد: من أوقات نسائك، فإنّ القرء والقارئ جاء في معنى الوقت، ولم يرد لا حيضاً ولا طهراً. فإن قلت: فعلام انتصب (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)؟ قلت: على أنه مفعول به، كقولك: المحتكر يتربص الغلاء، أي: يتربصن مضيّ ثلاثة قروء، أو على أنه ظرف، أي: يتربصن مدة ثلاثة قروء. فإن قلت: لم جاء المميز على جمع الكثرة دون القلة التي هي الأقراء؟ قلت: يتسعون في ذلك فيستعملون كل واحد من الجمعين مكان الآخر؛ ....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو اللام في قوله: "لما ضاع" لما لا ترتب له، كل هذه المبالغات؛ إعلاماً بأن المدح بلغ نهايته وغايته، ورجع المعنى إلى قولك للشجاع: قاتلك الله ما أشجعك! وقول عروة:
رمى الله في عيني بثينة بالقذى ... وفي الغر من أنيابها بالقوادح
قال القتيبي في "طبقات الشعراء": اسم أعشى: ميمون بن قيس، جاهلي أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخرج إليه يريد الإسلام، فلقيه أبو سفيان فأخبره أنه يحرم عليك ثلاثاً كلها موافق لك: الزنا والخمر والقمار، فقال: أما الزنا فهو الذي تركني، وأما الخمر فتركتها، وأما القمار فلعلي أصيب منه خلفاً، قال: أو خير من هذا؟ نجمع لك مئة ناقة حمراء فتنصرف بها إلى أهلك، فقال لقريش: هذا الأعشى قد تعرفون شعره، والله لئن صبأ لتصبون العرب قاطبة، فلما قبض الإبل ورجع رماه في طريقه بعيره فقتله.
قوله: (يتسعون في ذلك). قال الحريري في "الدرة": المعنى: لتتربص كل واحدة من المطلقات ثلاثة أقراء، فلما أسند على جماعتهن (ثَلَاثَةَ)، فالواجب على كل واحدة منهن ثلاثة،