لاشتراكهما في الجمعية، ألا ترى إلى قوله: (بِأَنْفُسِهِنَّ)؟ وما هي إلا نفوس كثيرة، ولعل القروء كانت أكثر استعمالاً في جمع قرء من الأقراء فأوثر عليه؛ تنزيلاً للقليل الاستعمال منزلة المهمل، فيكون مثل قولهم: ثلاثة شسوع. وقرأ الزهري: (ثلاثة قرو) بغير همزة. (ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ) من الولد، أو من دم الحيض؛ وذلك إذا أرادت المرأة فراق زوجها فكتمت حملها لئلا ينتظر بطلاقها أن تضع؛ ولئلا يشفق على الولد فيترك تسريحها، أو كتمت حيضها وقالت وهي حائض: قد طهرت؛ استعجالاً للطلاق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أتى بلفظة (قُرُوءٍ) لتدل على الكثرة المرادة والمعنى الملموح. وقال القاضي: ولعل الحكم لما عم المطلقات ذوات الأقراء تضمن معنى الكثرة، فحسن بناؤها، وقلت: ومثل هذا المعنى ذكر المصنف في تفسير قوله: (لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) [الأنفال: 51].

قوله: (ينتظر بطلاقها)، قيل: الباء في "بطلاقها" للتعدية، وموضع "أن تضع": جر بالخافض من المضمر، أي: يؤخر طلاقها للوضع، أو: إلى الوضع، والظاهر أن تكون الباء سببية، "وأن تضع": مفعول ينتظر.

قوله: (أو كتمت): عطف على "فكتمت"، وهما نشر لقوله: "من الولد، أو: من دم الحيض"، قال الزجاج: قوله تعالى: (أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ) بالولد أشبه؛ لأن ذكر الأرحام مؤذن به لقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ) [آل عمران: 6]، قال الإمام: الحيض خارج من الرحم لا مخلوق في الرحم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015