لا تحبط الأعمال حتى يموت عليها، وعند أبي حنيفة أنها تحبطها وإن رجع مسلماً. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا): روي أن عبد اللَّه بن جحش وأصحابه حين قتلوا الحضرمي ظنّ قوم أنهم إن سلموا من الإثم فليس لهم أجر؛ فنزلت، (أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ). عن قتادة: هؤلاء خيار هذه الأمّة، ثم جعلهم اللَّه أهل رجاءٍ كما تسمعون، وإنه من رجا طلب، ومن خاف هرب.

[(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ* فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) 219 - 220].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قبل الردة، وقال أبو حنيفة: يلزم قضاء ما أدى، والذي يشد من عضد الحمل على التقييد: إيقاع (وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ) حالاً من المجرور في (فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ)، وهو مطلق وشائع في الخسران، وعطف (وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) على (فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ)، وهو تقييد لذلك المطلق وبيان لذلك المبهم.

قوله: (ثم جعلهم الله أهل رجاء كما تسمعون)، قال القاضي: أثبت لهم الرجاء إشعاراً بأن العمل غير موجب ولا قاطع في الدلالة، لاسيما والعبرة بالخواتيم.

الراغب: وهذه المنازل الثلاثة التي هي الإيمان والمهاجرة والجهاد هي المعنية بقوله: (اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ) [المائدة: 35]، ولا سبيل إلى المهاجرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015