فلا تبقُ عليَّ، وهو واثق بأنه لا يظفر به. (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ): ومن يرجع عن دينه إلى دينهم ويطاوعهم على ردّه إليه (فَيَمُتْ) على الردّة، (فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ)؛ لما يفوتهم بإحداث الردة مما للمسلمين في الدنيا من ثمرات الإسلام، وباستدامتها والموت عليها من ثواب الآخرة، وبها احتج الشافعي على أن الردّة .....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتفرض كما تفرض المحالات، لدلالة استعمال "إن" في مقام التحقيق، وهذا التقدير يستدعي أن يجري (حَتَّى) على التعليل دون الغاية.
قوله: (على رده إليه) هذا من حذف الفاعل وإضافة الرد إلى مفعوله، أي: يطاوعهم على ردهم إياه.
قوله: (من ثمرات الإسلام وباستدامتها) نشر لقوله: (حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)، أي: يفوتهم ثمرات الإسلام بإحداث الردة، وثواب الآخرة باستدامة الردة والموت عليها، ويريد بقوله: "ثمرات الإسلام" هي: أن لا يستحق من المسلمين موالاة ولا نصراً ولا غنيمة ولا ثناء حسناً، وتبين زوجته، ولا يستحق الميراث من المسلمين، ولا يكون آمناً؛ لأنه يقتل عند الظفر به.
قوله: (وبها احتج الشافعي)، ووجهه: أن الآية دلت على أن الردة إنما توجب الحبوط بشرط الموت على الردة، فإذا لم يوجد الشرط لم يوجد المشروط.
فإن قيل: هذا معارض بقوله: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ)، فالجواب أن هذا من باب حمل المطلق على المقيد، لأنا لو جعلنا مجرد الردة مؤثراً في الحبوط لم يبق للموت على الردة أثر في الحبوط أصلاً، ولو حملنا المطلق على المقيد لعملنا بمقتضى الدليلين، وفائدة الخلاف إنما تظهر فيما إذا صلى المسلم، ثم ارتد ثم أسلم، قال الشافعي: لا قضاء عليه لما أدى