نزلت في الخمر أربع آياتٍ؛ نزلت بمكة: (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً) [النحل: 67]، وكان المسلمون يشربونها وهي لهم حلال. ثم إن عمر ومعاذاً ونفراً من الصحابة قالوا: يا رسول اللَّه، أفتنا في الخمر فإنها مذهبة للعقل مسلبة للمال. فنزلت: (فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) فشربها قوم وتركها آخرون .......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلا بعد الإيمان، ولا إلى جهاد الهوى في سبيله إلا بعد هجران الشهوات، ومن وصل إلى ذلك فحق له أن يرجو رحمته.

قوله: (نزلت في الخمر أربع آيات)، إلى آخره، قال القفال: الحكم في وقوع التحريم على هذا الترتيب؛ أنه تعالى علم أن القوم كانوا ألفوا شرب الخمر، وكان انتفاعهم به كثيراً، فعلم أنه لو منعهم دفعة واحدة لشق عليهم، فلا جرم استعمل في التحريم هذا التدريج وهذا الرفق.

وقلت: ومصداقه ما روينا عن البخاري، عن يوسف بن ماهك أنه قال: قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لعراقي: "إنما نزل أول ما نزل من القرآن سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبداً، ولو نزل: لا تزنوا قالوا: لا ندع الزنا" الحديث.

ويدل على هذا التدرج قوله: (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) [المائدة: 91]؛ لأنه كما قال: أبلغ من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015