في الشدة وتماديه في العظم؛ لأنّ الرسل لا يقادر قدر ثباتهم واصطبارهم وضبطهم لأنفسهم، فإذا لم يبق لهم صبر حتى ضجوا كان ذلك الغاية في الشدة التي لا مطمح وراءها. (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) على إرادة القول، يعني: فقيل لهم ذلك إجابة لهم إلى طلبتهم من عاجل النصر. وقرئ: (حتى يقول) بالنصب على إضمار "أن" ومعنى الاستقبال؛ لأنّ «أن» علم له، وبالرفع على أنه في معنى الحال كقولك: شربت الإبل حتى يجيء البعير يجرّ بطنه، إلا أنها حال ماضية محكية.
[(يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) 215].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لا مطمح وراءها)، الجوهري: طمح فلان بصره: رفعه، وقال بعضهم: طمح أي: أبعد في الطلب.
قوله: (من عاجل النصر) بيان لـ "طلبتهم".
قوله: (وقرئ: (حَتَّى يَقُولَ)، بالنصب) قرأ نافع بالرفع، والباقون بالنصب. قال الزجاج: فالنصب على معنى سرت حتى أدخلها، وفيه وجهان، أحدهما: أن يكون الدخول غاية السير، والسير والدخول قد مضيا جميعاً، والمعنى: وزلزلوا إلى أن يقول الرسول ...
وثانيهما: أن يكون السير قد وقع، والدخول لم يقع، أي: سرت كي أدخلها، وليس هذا وجه الآية، والرفع على وجهين:
أحدهما: أن يكون السير قد مضى، والدخول واقع الآن، تقول: سرت حتى أدخلها الآن ما امتنع.