فتوح البلدان (صفحة 153)

ابن سَعْد، ومالك بْن أَنَس، وسُفْيَان بْن عيينة، وموسى بْن أعين، وإِسْمَاعِيل بْن عياش، ويحيى بْن حَمْزَة، وأبي إِسْحَاق الفزاري، ومخلد بْن الْحُسَيْن في أمرهم فأجابوه، وكان فيما كتب به الليث بْن سَعْد: أن أهل قبرس قوم لم نزل نتهمهم بغش أهل الإِسْلام ومناصحة أعداء اللَّه الروم، وقد قَالَ اللَّه تعالى «وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ» 8: 58 ولم يقل لا تنبذ إليهم حَتَّى تستيقن خيانتهم، وإني أرى أن تنبذ إليهم وينظروا سنة يأتمرون، فمن أحب منهم اللحاق ببلاد المسلمين عَلَى أن يكون ذمة يؤدي الخراج قبلت ذلك منه، ومن أراد أن ينتحى إِلَى بلاد الروم فعل، ومن أراد المقام بقبرس عَلَى الحرب أقام فكانوا عدوا يقاتلون ويغزون، فإن فى إنظار سنة قطعا لحجتهم ووفاء بعهدهم.

وكان فيما كتب به مَالِك بْن أَنَس: إن أمان أهل قبرس كان قديما متظاهرا منَ الولاة لهم، وذلك لأنهم رأوا أن إقرارهم عَلَى حالهم ذل وصغار لهم وقوة للمسلمين عليهم بما يأخذون من جزيتهم ويصيبون به منَ الفرصة في عدوهم، ولم أجد أحدا منَ الولاة نقض صلحهم ولا أخرجنهم عن بلدهم، وأنا أرى: أن لا تعجل بنقض عهدهم ومنابذتهم حَتَّى تتجه الحجة عليهم، فإن اللَّه يقول «فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ» 9: 4 فإن هم لم يستقيموا بعد ذلك ويدعوا غشهم ورأيت أن العذر ثابت منهم أوقعت بهم، فكان ذلك بعد الأعذار فرزقت النصر، وكان بهم الذل والخزي إن شاء اللَّه تعالى.

وكتب سُفْيَان بْن عيينة: أنا لا نعلم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاهد قوما فنقضوا العهد إلا استحل قتلهم غير أهل مكة فإنه من عليهم وكان نقضهم أنهم نصروا حلفاءهم عَلَى حلفاء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خزاعة، وكان فيما أخذ عَلَى أهل نجران أن لا يأكلوا الربا فحكم فيهم عُمَر- رحمه اللَّه- حين أكلوه بإجلائهم فإجماع القوم أنه من نقض عهدا فلا ذمة له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015