فتوح البلدان (صفحة 135)

وبنو أبينا وأظهر الإِسْلام، فلما قدم عُمَر بْن الخطاب رضي اللَّه عنه الشام سنة سبع عشرة لاحى جلة رجلا من مزينة فلطم عينه فأمره عُمَر بالاقتصاص منه، فقال: أو عينه مثل عيني والله لا أقيم ببلد عَلَى به سلطان، فدخل بلاد الروم مرتدا، وكان جبلة ملك غسان بعد الحارث بْن أَبِي شمر، وروى أيضا أن جبلة أتى عُمَر بْن الخطاب وهو عَلَى نصرانيته فعرض عُمَر عَلَيْهِ الإِسْلام وأداء الصدقة فأبى ذلك وقال: أقيم عَلَى ديني وأؤدي الصدقة.

فقال عُمَر: إن أقمت عَلَى دينك فأد الجزية فانف منها، فقال عُمَر:

ما عندنا لك إلا واحدة من ثلاث، أما الإِسْلام، وأما أداء الجزية، وأما الذهاب إِلَى حيث شئت: فدخل بلاد الروم في ثلاثين ألفا، فلما بلغ ذلك عُمَر ندم وعاتبه عبادة بْن الصامت فقال لو قبلت منه الصدقة ثُمَّ تألفته لأسلم، وأن عُمَر رضي اللَّه عنه وجه في سنة إحدى وعشرين عمير بْن سَعْد الأنصاري إِلَى بلاد الروم في جيش عظيم وولاه الصائفة- وهي أول صائفة كانت- وأمره أن يتلطف لجبلة بْن الأيهم ويستعطفه بالقرابة بينهما ويدعوه إِلَى الرجوع إِلَى بلاد الإِسْلام عَلَى أن يؤدي ما كان بذل منَ الصدقة ويقيم عَلَى دينه، فسار عمير حَتَّى دخل بلاد الروم وعرض عَلَى جبلة ما أمره عُمَر بعرضه عَلَيْهِ فأبى إلا المقام في بلاد الروم، وانتهى عمير إِلَى موضع يعرف بالحمار، وهو واد فأوقع بأهله، وأخربه فقيل أخرب من جوف حمار.

قَالُوا: ولما بلغ هرقل خبر أهل اليرموك وإيقاع المسلمين بجنده هرب منَ انطاكية إِلَى قسطنطينية، فلما جاوز الدرب قَالَ: عليك يا سورية السلام ونعم البلد هَذَا للعدو يعني أرض الشام لكثرة مراعيها. وكانت وقعة اليرموك في رجب سنة خمس عشرة. قَالَ هِشَام بْن الكلبي: شهد اليرموك حباس بْن قيس القشيري فقتل منَ العلوج خلقا وقطعت رجله وهو لا يشعر، ثُمَّ جعل ينشدها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015