فتوح البلدان (صفحة 134)

بالقسطنطينية واجتمع المسلمون فرجعوا إليهم فاقتتلوا عَلَى اليرموك أشد قتالا وأبرحه واليرموك نهر- وكان المسلمون يومئذ أربعة وعشرين ألفا وتسلسلت الروم وأتباعهم يومئذ لئلا يطعموا أنفسهم في الهرب، فقتل اللَّه منهم زهاء سبعين ألفا وهرب فلهم فلحقوا بفلسطين وأنطاكية وحلب والجزيرة وأرمينية. وقاتل يوم اليرموك نساء من نساء المسلمين قتالا شديدا، وجعلت هند بنت عتبة أم معاوية بْن أَبِي سُفْيَان تقول: عضدوا الغلفان بسيوفكم.

وكان زوجها أَبُو سُفْيَان خرج إِلَى الشام تطوعا وأحب مع ذلك أن يرى ولده وحملها معه، ثُمَّ أنه قدم المدينة فمات بها سنة إحدى وثلاثين وهو ابْن ثمان وثمانين سنة، ويقال: إنه مات بالشام فلما أتى أم حبيبة بنته نعيه دعت في اليوم الثالث بصفرة فمسحت بها ذراعيها وعارضتها، وقالت: لقد كنت عن هَذَا غنية لولا أني سمعت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول «لاتحد امْرَأَةٌ عَلَى مَيْتٍ سِوَى زَوْجِهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثٍ» ويقال: إنها فعلت هَذَا الفعل حين أتاها نعي أخيها يزيد والله أعلم.

وكان أَبُو سُفْيَان بْن حرب أحد العوران ذهبت عينه يوم الطائف، قَالُوا: وذهبت يوم اليرموك عين الأشعث بْن قيس، وعين هاشم بْن عتبة ابن أبى وقاص الزهري، وهو المرقال: وعين قيس بْن مكشوح. واستشهد عَامِر بْن أَبِي وقاص الزهري، وهو الذي كان قدم الشام بكتاب عُمَر بْن الخطاب إِلَى أَبِي عُبَيْدة بولايته الشام، ويقال: بل مات في الطاعون، وقال بعض الرواة استشهد يوم أجنادين وليس ذلك بثبت.

قَالَ: وعقد أَبُو عُبَيْدة لحبيب بْن مسلمة الفهري عَلَى خيل الطلب فجعل يقتل من أدرك، وانحاز جبلة بْن الأيهم إِلَى الأنصار فقال: أنتم أخوتنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015