فتنه التكفير (صفحة 5)

فلا بد لنا - والحالة هذه - من أن ندندن دائما وأبدا حول هذا الأصل الأصيل إذا أردنا أن نفهم عقيدتنا وأن نفهم عبادتنا وأن نفهم أخلاقنا وسلوكنا

ولا محيد عن العودة إلى منهج سلفنا الصالح لفهم كل هذه القضايا الضرورية للمسلم حتى يتحقق فيه - صدقا - أنه من الفرقة الناجية

ومن هنا ضلت طوائف قديمة وحديثة حين لم يتنبهوا إلى مدلول الآية السابقة وإلى مغزى حديث سنة الخلفاء الراشدين وكذا حديث افتراق الأمة فكان أمرا طبيعيا جدا أن ينحرفوا كما انحرف من سبقهم عن كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح

ومن هؤلاء المنحرفين: الخوارج قدماء ومحدثين

فأن أصل فتنة التكفير في هذا الزمان - بل منذ أزمان - هو آية يدندنون دائما حولها ألا وهي قوله تعالى:} ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون { (44 - المائدة) فيأخذونها من غير فهوم عميقة ويوردونها بلا معرفة دقيقة

ونحن نعلم أن هذه الآية الكريمة قد تكررت وجاءت خاتمتها بألفاظ ثلاثة وهي:} فأولئك هم الكافرون {} فأولئك هم الظالمون { [45 - المائدة] } فأولئك هم الفاسقون { [47 - المائدة]

فمن تمام جهل الذين يحتجون بهذه الآية باللفظ الأول منها فقط:} فأولئك هم الكافرون {: أنهم لم يلموا على الأقل ببعض النصوص الشرعية - قرآنا أم سنة - التي جاء فيها ذكر لفظة (الكفر) فأخذوها - بغير نظر - على أنها تعني الخروج من الدين وأنه لا فرق بين هذا الذي وقع في الكفر وبين أولئك المشركين من اليهود والنصارى وأصحاب الملل الأخرى الخارجة عن ملة الإسلام

بينما لفظة الكفر في لغة الكتاب والسنة لا تعني - دائما - هذا الذي يدندنون حوله ويسلطون هذا الفهم الخاطئ المغلوط عليه

فشأن لفظة} الكافرون {- من حيث إنها لا تدل على معنى واحد - هو ذاته شأن اللفظين الآخرين:} الظالمون {و} الفاسقون {فكما أن من وصف أنه ظالم أو فاسق لا يلزم بالضرورة ارتداده عن دينه فكذلك من وصف بأنه كافر سواء بسواء

وهذا التنوع في معنى اللفظ الواحد هو الذي تدل عليه اللغة ثم الشرع الذي جاء بلغة العرب - لغة القرآن الكريم

فمن أجل ذلك كان الواجب على كل من يتصدى لإصدار الأحكام على المسلمين - سواء كانوا حكاما أم محكومين - أن يكون على علم واسع بالكتاب والسنة وعلى ضوء منهج السلف الصالح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015