فتنه التكفير (صفحة 4)

إذ لم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بقوله:] ما أنا عليه. . . [- مع أن ذلك قد يكون كافيا في الواقع للمسلم الذي يفهم حقا الكتاب والسنة - ولكنه صلى الله عليه وسلم يطبق تطبيقا عمليا قوله سبحانه وتعالى في حقه صلى الله عليه وسلم أنه:} بالمؤمنين رءوف رحيم { (128 - التوبة)

فمن تمام رأفته وكمال رحمته بأصحابه وأتباعه أن أوضح لهم صلوات الله وسلامه عليه أن علامة الفرقة الناجية: أن يكون أبناؤها وأصحابها على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى ما كان عليه أصحابه من بعده

وعليه فلا يجوز أن يقتصر المسلمون عامة والدعاة خاصة في فهم الكتاب والسنة على الوسائل المعروفة للفهم كمعرفة اللغة العربية والناسخ والمنسوخ وغير ذلك بل لا بد من أن يرجع قبل ذلك كله إلى ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم - كما تبين من آثارهم ومن سيرتهم - أنهم كانوا أخلص لله عز وجل في العبادة وأفقه منا في الكتاب والسنة إلى غير ذلك من الخصال الحميدة التي تخلقوا بها وتأدبوا بآدابها

ويشبه هذا الحديث تماما - من حيث ثمرته وفائدته - حديث الخلفاء الراشدين المروي في السنن من حديث العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا: كأنها موعظة مودع فأوصنا يا رسول الله قال:] أوصيكم بالسمع والطاعة وإن ولي عليكم عبد حبشي وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ. . . {وذكر الحديث

والشاهد من هذا الحديث هو معنى جوابه على السؤال السابق إذ حض صلى الله عليه وسلم أمته في أشخاص أصحابه أن يتمسكوا بسنته ثم لم يقتصر على ذلك بل قال:] وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي [

طور بواسطة نورين ميديا © 2015