بها لرفع المجاز عن الذات وإثبات الحقيقة، أو إن شئت عبر برفع توهم عدم الإضافة، يعني بأن يكون المؤكَد بفتح الكاف غير مضاف.

تقول: جاء الأمير، فهذا يحتمل أن الأمير جاء بذاته، ويحتمل أنه لم يأت بذاته وإنما تُجوِّز فيه، والأصل جاء كتاب الأمير، أو خبر الأمير، فحينئذٍ تجوز بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، فإذا قيل: جاء الأمير يحتمل أنه جاء بذاته، ويحتمل أنه جاء خبره، ويحتمل أنه جاء كتابه، فإذا قلت: جاء الأمير صار محتملاً للمجاز؛ لأن من صيغ المجاز عندهم حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مُقامه، فإذا أردت رفع وتضعيف هذا الاحتمال وأن المراد به ذات الأمير، تقول: جاء الأمير نفسه؛ فحينئذٍ رفعت الاحتمال، وأن المراد به جاء الأمير بذاته بنفسه، وعلمنا أن المراد هنا الذات بالتوكيد، لولا هذا التوكيد لصار الكلام محتملاً، محتملاً لأي شيء؟ لأن يكون المراد به الأمير بذاته أو بخبره أو بكتابه، فلما أردت تعيين الذات قلت: جاء الأمير نفسه، أو جاء الأمير عينه، أو جاء الأمير نفسه عينه، تجمع بينهما، يصح إفراد النفس عن العين، وإفراد العين عن النفس، لكن هذا الاحتمال الذي يذكره النحاة ليس متعيناً، بل الأصل حمل الأفعال على فاعليها، هذا هو الأصل، ولو حصل تجوز فحينئذٍ بما يجوز أن يتجوز به، وليس على إطلاقه، لأنهم إذا أطلقوا في هذا المقام، أوَّلُ ما يمثل به عندهم قوله تعالى: (وَجَاءَ رَبُّكَ) [الفجر:22]، قالوا: هذا محتمل أنه جاء بذاته - عز وجل -، أو جاء أمره، أو جاء مَلَكُه، إذاً يحتمل أنه بذاته، ويحتمل أنه بغير ذاته، فإذا قالوا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015