في الذهن، حينئذٍ صحت الإشارة إليه، تنزيلاً لهذا المعدوم منزلة المحسوس ما دام أنه معين ومحصور في الذهن فكأنه معين في الخارج، فإذا أشير إليه وهو في الذهن كأنه أشير إليه وهو في الخارج، [كَمَا تَرَى] أي كما تعلم أو تُبصر، يحتمل أنه بالمعينين، ثم التوكيد المعنوي نوعان:
الأول: توكيد يكون لرفع احتمال المجاز وإثبات الحقيقة.
والثاني: توكيد يكون لرفع توهم الخصوص بما ظاهره العموم.
لذلك يعبر ابن عقيل في هذه فيقول في الأول: لرفع توهم عدم الإضافة، وفي الثاني: لرفع توهم عدم إرادة الشمول.
النَّفْسُ وَالعَيْنُ وَكُلٌّ أَجْمَعُ ... وَمَا لِأَجْمَعَ لَدَيْهِمْ يَتْبَعُ
[النَّفْسُ] بإسكان الفاء، وهي هنا بمعنى الذات، [وَالعَيْنُ] وإطلاق العين هنا مراد به الذات، وهذا إطلاق مجازي علاقته الجزئية والكلية، لأن أصل العين هي العين الباصرة، أطلقت وأريد بها الذات كلها، كما قيل في الرقبة: اعتق رقبة، والرقبة المراد بها الرقبة المعروفة، أطلقت وأريد بها الذات كلها، إذاً يكون من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل وهذا يسمى مجازاً مرسلاً علاقته الجزئية والكلية، والنفْس والعين معناهما واحد، فمعنى العين هو معنى النفْس، ومعنى النفْس هو معنى العين، وهو الذات، إلا أن إطلاق النفْس على الذات إطلاق حقيقي، وإطلاق العين على الذات إطلاق مجازي؛ [النَّفْسُ وَالعَيْنُ] هذه من ألفاظ التوكيد التي جيء