(وَجَاءَ رَبُّكَ)، أي جاء أمر ربك، نقول: هذا التأويل فاسد، لأن الأصل في إطلاق الأفعال التي هي أوصاف في المعنى لفاعليها الحقيقة، وإذا حصل نوع تجوز فإنما يكون فيما يصح التجوز فيه، وأما هذه الألفاظ نفسه وعينه في مقام لا يصح فيه التجوز، لا نقول به، وهذا من باب المغالطات؛ لأنه يمثلون بهذه الآية: (وَجَاءَ رَبُّكَ) أي جاء أمر ربك، لأنها مثل: جاء الأمير، فإذا سلَّمت بأنَّ جاء الأمير محتمل للمجاز فحينئذٍ اللغة واحدة، فمثله وجاء ربك محتمل للمجاز، نقول: لا، وَجَاءَ رَبُّكَ قام الدليل الشرعي على أنه لا احتمال، فحينئذٍ إذا قيل: جاء الأمير، يحتمل هذا فيما بيننا نحن البشر، والناس يتجوزون في مثل هذا، وأما إذا جاء تطبيقه فيما لا يصح تنزيل هذه القواعد، والاحتمالات عليها كنصوص الشرع، نقول: لا، قف (وَجَاءَ رَبُّكَ) لا يحتمل إلا مجيئه بذاته - عز وجل - ثم ننفي المشابهة أو إدراك تلك الحقيقة، إذاً النفس والعين هذان لفظان مؤكِدان، والتوكيد بهما معنوي، والفائدة رفع المجاز عن الذات فيما يقبل المجاز، وأما ما لا يقبل المجاز كقوله: (وَجَاءَ رَبُّكَ) فحينئذٍ لا يصح اعتماد هذه القاعدة في ذاك، أو إن شئت قل: ما يرفع توهم مضاف إلى المؤكد، (جاء الأمير) يحتمل أن ثَم مضافاً محذوفاً، وهو جاء خطاب الأمير، أو رسول الأمير.

إذاً عرفنا أنه يؤكَد بالنفس والعين، وإذا أُكد بهما فلا بد من اتصالهما بضمير يعود على المؤكَد، وهذا هو السر في كونهما معرفة، وأنه لا يجوز أن يؤكد بهما النكرة؛ لأنها معارف، وهذا الضمير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015