تكون مخففة من الثقيلة، وإذا نصبت المضارع فأن حينئذٍ تكون مصدرية. إذًا نخلص من هذا أن أنْ باعتبار ما قبلها لها ثلاثة أحوال: إما أن يُقطع بأنها مصدرية، وليست مخففة من الثقيلة، وإما يُقطع بأنها ليست مصدرية بل مخففة من الثقيلة، وإما أن نجوز الوجهين فتكون محتملة للوجهين. وقرئ بالوجهين {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} (المائدة:71) وحسبوا بمعنى ظن، فيجوز في المضارع بعدها الوجهان: الرفع على أنَّ أنْ مخففة من الثقيلة, والنصب على أنَّ أن مصدرية. ولكن الأرجح فيما إذا سبقت بظن النصب؛ لأنه موافق للقياس، ولأنه الأكثر في كلام العرب، لذلك قال ابن هشام: أجمعوا على النصب في قوله تعالى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} (العنكبوت:1 - 2) أجمع القراء على النصب مع أنها سبقت بما يدل على الظن، واختلفوا في قوله: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} فما أجمعوا عليه أولى وأرجح مما اختلفوا فيه، فحينئذٍ ما وقع فيه الخلاف يرجح بما أجمعوا عليه، ولكن القراءة سنة متبعة. فيقرأ بهذا، ويقرأ بهذا، ولا يُنكر هذا على ذاك. أما في الكلام فالأفصح أن تأتي به منصوبًا لأنه الأكثر في كلام العرب، والموافق للقياس. [وَلَنْ] هذا هو الحرف الثاني الذي ينصب الفعل المضارع بنفسه، وهي تعمل ظاهرة. [وَلَنْ] بفتح اللام وسكون النون، وهي بسيطة، وقيل: مركبة وأصلها لا أَنْ -كما هو مذهب الخليل - حُذفت الهمزة تخفيفًا للتخلص من التقاء الساكنين. وقيل: أصلها لا فقلبت الألف نونًا وهو مذهب الفرَّاء.