والأصح الأول أنها بسيطة وليست مركبة. وهي حرف نفي، ونصب واستقبال مثل أنَّ حرف نصب واستقبال، فلن حرف نفي لأنه يدل على نفي وقوع الحدث في الزمن المستقبل، لأن لن تدل على انتفاء الحدث الذي يدل عليه الفعل بعدها، في الزمن المستقبل، فإذا قلت: لن يقوم زيد، دلت لن على نفي القيام عن زيد في الزمن المستقبل، فصرفت الفعل المضارع عن الحال إلى الاستقبال. ومذهب الزمخشري أن لن تفيد التأبيد. والصواب أنها لا تفيد التأبيد ولكن تحتمله، وزاد عليه أنها تأتي للتأكيد. والجواب أنها لا تتعين للتأبيد وإنما محتملة له ولغيره. فإذا قيل: لن أقوم، فهو مثل قولك: لا أقوم، ولا أقوم هذه لا تدل على التأبيد، كذلك لن هي محتملة لئلا يقوم أبدًا، أو لن يحصل منه قيام في الزمن المستقبل، ولذلك رَدَّ بعضهم على الزمخشري بأن لن لو كانت تفيد التأبيد لما صح أن يجمع بينها وبين لفظ أبدًا، كما في قوله: (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً) (البقرة: من الآية95) وقوله تعالى: (وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا) [الكهف:20] فلو كانت لن موضوعة للنفي على جهة التأبيد لما صح الجمع بينها وبين لفظ أبدًا، لأنه يصير من باب التكرار. وأما التأبيد المفهوم من قوله تعالى: {لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً} (الحج:73) فهذا من دليل خارجي، وهو أنهم يعجزون عن الخلق مطلقًا، لا ذبابًا، ولا دونها ولا ما هو فوقها.
(وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ) (الحج: من الآية47) فلن هنا للتأبيد لكن ليس من ذات لن، بل من دليل خارج عنها، فإذا قيل: لن لا تقتضي تأبيدًا، لا يُفهم من هذا أنها لا تحتمل التأبيد، بل تحتمله