تبين له الحق فليحمد الله على ذلك، وإلا فليكل الأمر إلى عالمه وليقل: آمنا به كل من عند ربنا، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
الثاني - أنه لا منافاة بين معنى العلو والمعية؛ فإن المعية لا تستلزم الاختلاط والحلول في المكان - كما تقدم -، فقد يكون الشيء عالياً بذاته، وتضاف إليه المعية كما يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا، مع أن القمر في السماء، ولا يعد ذلك تناقضاً لا في اللفظ ولا في المعنى، فإن المخاطب يعرف معنى المعية هنا، وأنه لا يمكن أن يكون مقتضاها أن القمر في الأرض. فإذا جاز اجتماع العلو والمعية في حق المخلوق ففي حق الخالق أولى.
الثالث - أنه لو فرض أن بين معنى العلو والمعية تناقضاً وتعارضاً في حق المخلوق فإن ذلك لا يلزم في حق الخالق؛ لأن الله - تعالى - ليس كمثله شيء في جميع صفاته، فلا تقاس معيته بمعية خلقه، ولا تقتضي معيته لهم أن يكون مختلطاً بهم أو حالًّا في أمكنتهم لوجوب علوه بذاته؛ ولأنه لا يحيط به شيء من مخلوقاته بل هو بكل شيء محيط.
وبنحو هذه الوجوه يمكن الجمع بين ما ثبت من علو الله بذاته وكونه قِبَل وجه المصلي، فيقال: الجمع بينهما من وجوه: