لكان قد زكى نفسه، وشهد لها بأنه من المتقين الأبرار، وكان ينبغي على هذا أن يشهد لنفسه بأنه من أهل الجنة، وهذه لوازم ممتنعة.
القول الثالث - التفصيل فإن كان الاستثناء صادراً عن شك في وجود أصل الإيمان فهذا مُحرّم، بل كفر؛ لأن الإيمان جزم، والشك يُنافيه، وإن كان صادراً عن خوف تزكية النفس والشهادة لها بتحقيق الإيمان قولاً، وعملاً، واعتقاداً، فهذا واجب خوفاً من هذا المحذور، وإن كان المقصود من الاستثناء التبرك بذكر المشيئة، أو بيان التعليل، وأن ما قام بقلبه من الإيمان بمشيئة الله، فهذا جائز.
والتعليق بالمشيئة على هذا الوجه - أعني بيان التعليل - لا ينافي تحقق المعلق، فإنه قد ورد التعليق على هذا الوجه في الأمور المحققة. كقوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُون} [الفتح: 27] .
وبهذا عرف أنه لا يصح إطلاق الحكم على الاستثناء، بل لا بد من التفصيل السابق. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
حرر في 8 من ذي القعدة سنة 1380هـ والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
المؤلف