الثاني - أن يكونا ظنيين: إما من حيث الدلالة، وإما من حيث الثبوت، فيطلب الترجيح بينهما ثم يقدم الراجح.
الثالث - أن يكون أحدهما قطعيًّا، والآخر ظنيًّا، فيقدم القطعي باتفاق العقلاء؛ لأن اليقين لا يُدفع بالظنّ.
إذا تبين هذا، فنقول: لا ريب أن النصوص قد جاءت بإثبات علو الله بذاته فوق خلقه وأنه معهم، وكل منهما قطعيّ الثبوت والدلالة. وقد جمع الله بينهما في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4] .
ففي هذه الآية أثبت الله تعالى استواءه على العرش الذي هو أعلى المخلوقات، وأثبت أنه معنا، وليس بينهما تعارض؛ فإن الجمع بينهما ممكن.
وبيان إمكانه من وجوه:
الأول - أن النصوص جمعت بينهما فيمتنع أن يكون اجتماعهما محالاً؛ لأن النصوص لا تدل على محال، ومن ظن دلالتها عليه فقد أخطأ فليعد النظر مرة بعد أخرى، مستعيناً بالله، سائلاً منه الهداية والتوفيق، باذلاً جهده في الوصول إلى معرفة الحق. فإن