عن القول فيما لم يقم عليه دليل صحيح، خصوصاً في أمر الإيمان بالله تعالى، وأمور الغيب، فهم أولى الناس بامتثال قوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] . وقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: الاية33] .
ثانيهما: أن القول بالباطل إما أن يكون مصدره الجهل بالحق، وإما أن يكون مصدره إرادة ضلال الخلق، وكلاهما ممتنع في حق الصحابة رضي الله عنهم.
أما امتناع الجهل فقد تقدّم بيانه.
وأما امتناع إرادة ضلال الخلق: فلأن إرادة ضلال الخلق قصد سيئ، لا يمكن أن يصدر من الصحابة الذين عرفوا بتمام النصح للأمة، ومحبة الخير لها.
ثم لو جاز عليهم سوء القصد فيما قالوه في هذا الباب، لجاز عليهم سوء القصد فيما يقولونه في سائر أبواب العلم والدين، فتعدم الثقة بأقوالهم وأخبارهم في هذا الباب وغيره، وهذا من أبطل الأقوال، لأنه يستلزم القدح في الشريعة كلها.
وإذا تبين أن الصحابة - رضي الله عنهم - لا بد أن يكونوا قائلين