لأن الحث على شيء لا يمكن الوصول إليه لغو من القول، ينزه كلام الله وكلام رسوله صلّى الله عليه وسلّم عنه، وهذا - أعني الحث على تدبره كله من غير استثناء - يدل على أن لآيات الصفات معنى يمكن الوصول إليه بالتدبر، وأقرب الناس إلى فهم ذلك المعنى هو النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأصحابه؛ لأن القرآن نزل بلغتهم، ولأنّهم أسرع الناس إلى امتثال الحثّ على التدبّر خصوصاً فيما هو أهم مقاصد الدين.
وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما، أنهم كانوا إذا تعلّموا من النبي صلّى الله عليه وسلّم، عشر آيات لا يتجاوزونها حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، قال: فتعلمنا القرآن، والعلم، والعمل جميعاً، فكيف يجوز مع هذا أن يكونوا جاهلين بمعاني نصوص الصفات التي هي أهم شيء في الدين؟!
الرابع: أن قولهم يستلزم أن يكون الله قد أنزل في كتابه المبين ألفاظاً جوفاء لا يبين بها الحق، وإنما هي بمنزلة الحروف الهجائية والأبجدية، وهذا ينافي حكمة الله التي أنزل الله الكتاب، وأرسل الرسول من أجلها.
تنبيه: عُلم مما سبق أن معاني التأويل ثلاثة: