لا بد من التفصيل السابق.
الثاني - أن قولهم: "إن التأويل المذكور في الآية هو صرف اللفظ عن ظاهره إلى المعنى الذي يُخالف الظاهر"؛ غير صحيح، فإن هذا المعنى للتأويل اصطلاح حادث لم يعرفه العرب والصحابة الذين نزل القرآن بلغتهم، وإنما المعروف عندهم أن التأويل يراد به معنيان:
1 - إما التفسير ويكون التأويل على هذا معلوماً لأولي العلم، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما (?) : "أنا من الراسخين في العلم الذين يعلمون تأويله" وعليه يحمل وقف كثير من السلف على قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7] . من الآية السابقة.
2 - وأما حقيقة الشيء ومآله، وعلى هذا يكون تأويل ما أخبر الله به عن نفسه، وعن اليوم الآخر غير معلوم لنا؛ لأن ذلك هو الحقيقة والكيفية التي هو عليها، وهو مجهول لنا، كما قاله مالك وغيره في الاستواء وغيره، وعليه يحمل وقف جمهور السلف على قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ} [آل عمران: 7] من الآية السابقة.
الوجه الثالث - أن الله أنزل القرآن للتدبّر، وحثنا على تدبره كله، ولم يستثن آيات الصفات، والحثّ على تدبره يقتضي أنه يمكن الوصول إلى معناه وإلا لم يكن للحث على تدبره معنى؛