وقوله: "من بين أقرانه" جمع قرن وهو الزميل، و "نابغا" أي: ذا نبوغ وعلوم وكفاء على غيره، وهذا لا شك أن الإنسان إذا حفظ هذا المتن أنه سوف يستغني عن كثير من الأدلة؛ لأنه مستوعب لغالب الأدلة التي يحتاج الناس إليها لكنه يحتاج إلى تعاهد؛ لأنه رحمه الله يذكر التخريج أحيانا بكلمات مطولة يحتاج الإنسان إلى أن يتعاهدها وإلا نسيها.
"ويستعين به الطالب المبتدي" "ويستعين بها" أي: يجعلها عونا له، أي: الطالب للعلم المبتدئ.
"ولا يستغني عنه الراغب المنتهي". إذن يحتاج الناس إليه سواء كانوا مبتدئين أو منتهين، أما الطالب المبتدئ فإنه يستعين به، وأما المنتهي فإنه يرجع إليه.
"وقد بينت عقب كل حديث من أخرجه من الأئمة؛ لإرادة نصح الأمة". كلما ذكر حديثا ذكر من أخرجه من الأئمة أي: أئمة الحديث كالإمام أحمد، والبخاري، ومسلم، ومن أشبههم.
"لإرادة نصح الأمة" يعني: قاصدا بذلك النصيحة؛ وذلك أن الإنسان إذا ذكر الحديث ولم يذكر من رواه فقد يظن السامع أنه حديث صحيح لاسيما إذا قاله على وجه الاستدلال، لكن إذا ذكر من خرجه فهذا تمام النصح، إلا أنه أيضا يحتاج إلى شيء آخر والمؤلف سيذكره رحمه الله، وهو أن يصحح الحديث حتى لو ذكر من خرجه إذا كان من خرجه لا يستلزم إخراج الصحيح ولهذا كان النص الذي في تفسير ابن جرير رحمه الله على أنه مستوعب جميع الأقاويل والآثار في التفسير الخلل في هذا النص واضح؛ لأنه لا يتكلم على الأثر ولا على درجته، ولذلك كان يحتاج إلى تخريج حتى يعرف الإنسان درجة هذا الأثر في تفسير الآية، إذن لا يكفي أن نقول: رواه فلان إذا كان فلان ممن لم يلتزم بإخراج الصحيح، لكن المؤلف رحمه الله أحيانا - يذكر- يتكلم على أنه سند صحيح أو قوي أو ضعيف.
قال: "فالمراد بالسبعة" يعني: إذا قلت أخرجه السبعة: أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، إذا قال السبعة ولا يذكر غيرهم، فإذا قال: أخرجه السبعة فإنه يراد بذلك هؤلاء، واعلم أن من عيب التخريج، أن يذكر الإنسان الأدنى مرتبة مع أنه رواه من هو أعلى منه مرتبة، يعني مثلا يقول: رواه أبو داود والحديث رواه البخاري مع أبي داود، هذا من العيب عند المحدثين؛ لأنك إذا أهملت الأقوى أوهنت الحديث وصار ضعيفا في نظر القارئ أو في نظر السامع، فإذا كان حديث مثلا رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه إما أن يقول: أخرجه السبعة، وإما أن يقول: أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من أئمة الحديث، أما أن تقول: أخرجه أبو داود وتقتصر؛ فهذا عيب عند المحدثين وهو ظاهر لأنه يوهن درجة الحديث.