يكون منقطعا؛ فصار النظر في أحوال الرواة من وجهين: من جهة الثقة وهو يعود إلى شيئين العدالة والحفظ ويدخل فيهما أشياء كثيرة مما يخالف ذلك من أسباب الطعن في الحديث، والثاني من حيث اتصال السند، وعلى هذا فلابد من العلم بمواليدهم ووفياتهم حتى نعرف المتصل من غير المتصل.
قول المؤلف رحم الله: "أما بعد، فهذا مختصر" المختصر قال العلماء: هو الذي قل لفظه وكثر معناه، هذا المختصر "يشتمل على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية" أصول الأدلة، أفادنا المؤلف رحمه الله أنه لم يستوعب جميع الأدلة الحديثية، وإنما انتخب الأصول فقط يعني التي تدل على ما يكثر من الناس وقوعه في عباداتهم.
وقوله: "الحديثية" نسبة للحديث احترازا من الأدلة القرآنية؛ لأن هذا الكتاب لم يذكر المؤلف فيه شيئا من الأدلة القرآنية، فمثلا "صحيح البخاري" يذكر البخاري رحمه الله شيئا من الأدلة القرآنية وكذلك الأدلة الحديثية؛ أما مسلم مثلا فلا يذكر شيئا من الأدلة القرآنية. المؤلف لم يذكر شيئا من الأدلة القرآنية وإنما اقتصر على الأدلة الحديثية.
وقوله: "للأحكام الشرعية" الأحكام: جمع حكم، وهو - أي: الحكم- إثبات شيء لشيء نفيا أو إيجابا، فإذا قلنا مثلا: لا يحل أكل الميتة فهذا إثبات حكم نفي أو إيجاب؟ نفي. وإذا قال: أحل الله البيع، فهذا حكم إيجابي، فالحكم إذن إثبات شيء لشيء نفيا أو إيجابا.
وقوله: "الشرعية" خرج به ثلاثة أحكام: العادية، والعقلية، وبقيت الشرعية، الأحكام الشرعية هي المتلقاة من الشرع: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، الأحكام العقلية: هي المتلقاة من العقل، والأحكام العادية: هي المتلقاة من التجارب.
فالأحكام الشرعية مثل: الحلال، والحرام، والوجوب، والاستحباب، والكراهة هذه مأخوذة من الشرع، كون الجزء أقل من الكل والكل أكبر، هذه أحكام عقلية، والأحكام العادية هي ما وصف من العادة مثل أن يكون " السكنجبين" مسهل للبطن مثلا أو ما أشبهه هذا من العادة يعني: اعتاد الناس أنهم إذا تناولوا هذا الشيء سهلت بطونهم أو تسهلت فالأحكام إذن ثلاثة أقسام: شرعية، وعقلية، وعادية؛ ثم الشرعية: إما عملية، أو علمية؛ فما كان أساسه الاعتقاد فهو علمي، وما كان أساسه العمل قولا أو فعلا فهو عملي.
يقول: "حررته تحريرا بالغا". حررته يعني: نفيت عنه كل تعقيد؛ لأنه من تحرير الشيء أي: تخليصه، "تحريرا بالغا" حسب قدرته رحمه الله.
"ليصير من يحفظه من بين أقرانه نابغا". أشار المؤلف بهذه الكلمة إلى أنه ينبغي لنا أن نحفظ هذا المؤلف؛ لأنه مختصر على أصول الأدلة الحديثية مبينا فيه أحكام ودرجات الأحاديث.