وصارا يحفران خندقا من بعيد من أجل أن يصلا إلى الجسد الشريف، فقيد الله عز وجل السلطان أو أحد الولاة في ذلك الوقت فرأى رؤيا أن الرسول - عليه الصلاة والسلام- قال: "أنقذني من الأزغرين"، والظاهر - والله أعلم- أن صورتهما كشفت لهذا الرائي عنهما، فقدم المدينة فزعا وأقام مأدبة عظيمة، ودعا كل أهل المدينة مرتين أو ثلاثة ولم ير الرجلين اللذين وصفا له فسأل، قال: أين أهل المدينة؟ قالوا: كلهم جاءوا إلا رجلان اثنان في المسجد جاءا من حين مجيئهما وهما معتكفان في المسجد فدعا بهما، فإذا هما الرجلان اللذان نبه عليهما في الرؤيا، سبحان الله! حماية الجسد الشريف من العبث، واطلع على ما صنعا، ثم أمر بهما فقتلا، ثم أمر أن يحفر إلى الجبل من حول القبر الشريف حفرة وصبها بالرصاص والنحاس حتى لا يستطيع أحد أن يصل إلى جسد النبي صثلى الله عليه وسلم وهذا من حماية الله وإذا كان الله حمى أجساد الأنبياء أن تأكلها الأرض المسلطة على كل الجسد، فهو سبحانه يحمي الجسد الشريف من شياطين الإنس.

المهم أن السلام على الرسول عليه الصلاة والسلام - وارد أو غير وارد؟ وارد في الدنيا والآخرة، أما في حياته فوروده واضح، وأما بعد موته فبأي شيء تكون السلامة؟ سلامة جسده من أن يعبث به.

وقوله: "على نبيه ورسوله" هذا من باب عطف الصفات المترادفة أو المتغايرة، وبدأ بوصف النبوة؛ نبئ بأول سورة "اقرأ" وأرسل بأول سورة "المدثر"؛ فلهذا عطف المؤلف رحمه الله الرسالة على وصف النبوة.

فمن هو النبي؟ النبي يقال النبيء، ويقال: النبي؛ فالنبيء بالهمز من النبأ أي: الخبر، وهل هو فعيل بمعنى فاعل أو فعيل بمعنى مفعول؟ كلاهما فهو فعيل بمعنى فاعل لأنه منبئ عن الله عز وجل وبمعنى مفعول؛ لأنه منبأ، أما على قراءة التسهيل - النبي بالياء- فهو إما مشتق من النبأ لكن حذفت الهمزة تخفيفا يعني: سهلت الهمزة تخفيفا، وإما من النبوة وهي الشيء المرتفع لرفعه مقام النبي صلى الله عليه وسلم بما أحظاه الله به من الوحي.

فإذا قال قائل: ألا يمكن أن يكون من هذا وهذا؟ بلى؛ لأن لدينا قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يعلمها: "كل لفظ يحتمل معنيين على السواء - يعني في الدلالة عليه ولا منافاة بينهما- فإنه يحمل عليهما جميعا؛ لأن تعدد المعاني واتحاد اللفظ كثير في اللغة العربية".

وقوله: "ورسوله"؛ أي: مرسله إلى من؟ إلى الثقلين الإنس والجن، فالنبي - عليه الصلاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015