الوعيد على ذلك: "تبوأ مقعد من النار"، فهل نقول: كل ذنب ذكر الوعيد عليه فهو من الكبائر؟ الجواب: نعم، هكذا قال العلماء، وبناء على ذلك تكون الكبائر معروفة بالحد لا بالعد، وما ورد في بعض النصوص من العد فليس المراد به الحصر كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اجتنبوا السبع الموبقات».
الحد اختلفت عبارات العلماء والفقهاء فيه، وأجمع ما قيل فيه: أنه ما ذكر عليه عقوبة خاصة، إذا ذكر على الذنب عقوبة خاصة دينية أو دنيوية أو أخروية فإنه من كبائر الذنوب، أما ما جاء منهيا عنه فقط مثل لا تفكل كذا أو مذكورا فيه التحريم مثل: حرم كذا، أو نفي الحل مثل: لا يحل كذا، فهذا ليس من الكبائر بمجرد هذه الصيغة ما لم يوجد دليل.
وهل يمكن أن يقال: إن فيه إثبات وجود النار؟ نعم، من قوله: "تبوأ مقعده".
وهل يمكن أن تلحق بمنبر الرسول صلى الله عليه وسلم منابر المساجد الأخرى؟ الجواب: قال بعض أهل العلم: إنه يلحق به من حيث التغليظ لا من حيث العقوبة، فمثلا: لو حلف الإنسان على يمين فاجر عند منبر مسجد من المساجد ورأى القاضي أنه يغلظ اليمين في هذا المكان فلا بأس، لكنه لا يستحق العقوبة التي كانت على منبر النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لشرف المكان.
1356 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بالفلاة، يمنعه من ابن السبيل؛ ورجل بايع رجلا بسلعة بعد العصر، فحلف له بالله: لأخذها بكذا وكذا، فصدقه، وهو على غير ذلك؛ ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا للدنيا، فإن أعطاه منها وفى، وإن لم يعطه منها لم يف». متفق عليه.
"ثلاثة" مبتدأ، وجملة: "لا يكلمهم الله" معطوفة عليه خبر، فإن قال قائل: كيف جاز الابتداء بالنكرة والابتداء بالنكرة ممنوع؛ لأن الخبر تعريف وحكم، ولا يمكن أن يكون الحكم إلا على شيء معلوم والنكرة غير معلومة؛ ولهذا قال النحويون قولا حقا إنه لا يجوز الابتداء بالنكرة؛ لأن الاسم النكرة مجهول، والخبر محكم عليه، ولا يمكن أن نحكم على شيء مجهول؟ فيقال: إن ابن مالك رحمه الله قال كلمة جيدة في هذا قال:
(ولا يجوز الابتدا بالنكرة ... ما لم تفد كعند زيد نمرة)