وعلى كل حال: هذا أمر معلوم، أن الناس يختلفون في قوة التعبير والتأثير.
ومن فوائد هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب لقوله: «فأقضي له على نحو ما أسمع منه»، فلو كان يعل م الغيب لقضى بما يعلم لا بما يسمع لكنه لا يعلم الغيب.
ومن فوائد الحديث: أن القاضي لا يحكم بعلمه لقوله: "على نحو ما أسمع منه"، فهل يقضي بنحو ما رأى منه؟ يعني: لو رأى أن هذا الخصم ضرب خصمه؟ لا فرق، لكن يقال: إن رآه خارج الحكومة -يعني: ليس في مجلس الخصومة أو التحاكم - فلا يقضي به لأنه لو قضى به لكان هذا قضاء بعلمه وهو ممنوع، إذا ماذا يصنع؟
إذا كان يعلم أن الحق خلاف ما يظهر مما سمع، قال العلماء في مثل هذه الحال: يجب عليه أن يحولهما إلى قاض آخر ويكون هو شاهداً وبذلك يجمع بين المصلحتين، وهذا حق.
ومثله أيضاً "بما سمع" لو فرضنا أنه سمع خارج الخصومة فلا يمكن أن يحكم بما سمع خارج الخصومة، ولكن يحولهما إلى فاض آخر ويكون شاهداً، ولهذا قال: "تختصمون" وقال: "ما أسمع"، في أي وقت مما أسمع؟ في وقت الخصومة؛ لأن قال: "تختصمون إلي".
ولكن العلماء استثنوا من الحكم بالعلم مسألتين سبقتا: المسألة الأولى: ما كان عالماً به في مجلس الحكم، وهذا يدل عليه قوله: "على نحو ما أسمع"، لأن السمع طريق العلم، فما سمعه في مثل الحكم أو رآه في مثل الحكم لو فرض أن أحد الخصمين ضرب الثاني عند القاضي فيحكم به.
المسألة الثانية: إذا كان الأمر مشهورا، تحاكم إلي رجلان أحدهما يدعي أن البيت الذي فيه فلان والذي هو ساكن فيه من مدة طويلة والذي يعلم أنه بيته، ادعى أنه بيته، فههنا يحكم بعلمه.
لكن في الواقع توجد مسألة ثالثة: وهي علم القاضي بعدالة الشهود كافية لا يحتاج القاضي إلى أن يقول: شهد فلان ابن فلان بكذا وكذا، وشهد فلان وفلان بعدالته، ليس بلازم إلا إذا كان لا يعرفه فيذكر هذا لأجل ألا يكون هناك طعن في الشهود فيما بعد.
ومن فوائد الحديث: أن الواجب على القاضي أن يحكم بما سمعه حتى لو ظن أن الأمر بخلافه، لو ظن -وهو لم يعلم- أن الأمر بخلافه يجب أن يقضي بنحو ما سمع، ولو ظن أن الأمر على خلاف ما سمع بخلاف ما إذا علم فقد قلت لكم: إذا علم يحول إلى قاضٍ آخر ويشهد.
لكن هل أن يستظهر الحق بالتورية؟ نعم، له ذلك يعني: لو سمع شيئاً ولو حكم به لكان مخالفاً لما يظن، لكن أراد أن يستخرج الحق بالتورية، نقول: هذا جائز، ووقع من سليمان