يطلب من عقبة إحضار أخته، وأما كونه في الأمر المهم أو إذا أقضت المصلحة ذلك فلأن الناس- ولاسيما في زماننا- قد يوردون السؤال على غير وجهه فتكون إجابة المفتي على حسب السؤال، وقد يوردون على وجهه ويفهمون خلاف ما يريد المفتي فيحصل بذلك خطأ كبير، ولاسيما في مسائل الطلاق التي يختلف حكمها باختلاف نية المطلق.
ومن فوائد الحديث: أم من نذر نذرًا لا يطيقه بوصفه فليفعل أصله وليكفِّر عن وصفه؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تأتي إلى البيت الحرام، لكن على غير الوجه الذي نذرت وأمرها أن تمشي وتركب، فهنا وجب الوفاء بالأصل وكفِّر عن الوصف.
ومن فوائد الحديث: مطابقته لقول الله تعالى: {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم} [النساء: 47]. يؤخذ من قوله: "إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا" لأن الله لا يريد من عبادة الشقاء والإعنات والحرج، بل يريد خلاف ذلك {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 85].
ومن فوائد الحديث: وجوب الاختمار لقوله: "فلتختمر" وهذا قد ينازع فيه؛ إذ إن الأمر بعد الاستفتاء يراد به الإباحة، فإذا كان يراد به الإباحة لم يستقم القول بأن هذا فيه دليل على وجوب الاختمار، لكن وجوب الخمار يؤخذ من أدلة أخرى أن المرأة عليها أن تختمر فتغطي رأسها، وكذلك على القول الراجح تغطي الوجه والكفين.
وهل يستفاد من هذا جواز ركوب المرأة على الراحلة؟ نعم؛ لقوله: "ولتركب" وهل نقول وإذا جاز أن تركب الراحلة جاز أن تقود السيارة؛ لأنها توجه الراحلة فكذلك توجه السيارة؟ الجواب: أن يقال الأصل جواز هذا - قيادة المرأة للسيارة- لكن نمنع منه من أجل ما يترتب عليه من المحاذير العظيمة والفتنة الكبيرة، وإلا فالأصل الجواز، لو أن امرأة مثلاً في بستان لها بعيدة عن نظر الرجل وأرادت أن تقود السيارة من أعلى البستان إلى أسفله أو من شماله إلى جنوبه فإننا لا نقول: إن هذا حرام، ولكننا نحرم ذلك بناء على قيادة السيارة العامة؛ لما في ذلك من الفتنة والشر والفساد.
ومن فوائد الحديث: قيام الأفعال الاختيارية بالله عز وجل لقوله: "ما يصنع" وقد قال الله تعالى: {صنع الله الذي أتقن كل شيء} [النمل: 88]. فيجوز أن يوصف الله بالصنع وبأنه صانع ولكن لا يسمى به لأن الأسماء كلها حسنى والصانع ليس متمحضًا للحسن، بل الصانع يصنع الخير ويصنع الشر.