وقوله: "في لحوم الخيل" يشمل جميع أجزائه, وما اشتهر عن العوام أنه مقدمها حرام؛ لأنه يتقى به سهام المشركين في القتال فيكون محرمًا لاحترامه بخلاف عجزها ومؤخرها فإنه لا يكون إلا عند الإدبار فلا حرمة له فهذا حكم باطل وتعليل عليل وليس في الشريعة الإسلامية ما تختلف أجزاؤه أبدًا حلة وحرمة, نجاسة وطهارة, إيجابًا ومنعًا أبدًا, وانتبهوا لهذه القاعدة المفيدة في الشريعة الإسلامية حرم الله على الذين هادوا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرم عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم, لكن الشريعة الإسلامية لا يمكن أن يوجد فيها حيوان واحد تختلف أجزاؤه, وعلى هذه القاعدة يتبين أن القول الراجح في لحم الإبل أن جميع أجزاء البعير تنقض الوضوء خلافًا لمن قال: إن الكبد والكرش والمصران والرئة لا ينقض الوضوء نقول: كلها تنقض الوضوء؛ لإذن حكم العوام باطل.

حكم أكل الجراد:

1271 - وعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: "غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات, نأكل الجراد". متفق عليه. "الغزوة والغزو": مجاهدة العدو ومقاتلته, والنبي صلى الله عليه وسلم غزا غزوات كثيرة تبلغ نيفًا وعشرين غزاة وباشر أكثرها بنفسه صلى الله عليه وسلم, ومنها: هذا الحديث: "سبع غزوات". يقول عبد الله بن أبي أوفى: "نأكل الجراد", قوله: "نأكل" هذه الجملة حالية من فاعل "غزونا", يعني: كوننا نأكل الجراد, والجراد معروف هو طائر ذو مخالب في رجليه, ولا حاجة إلى أن نصفه, الجراد إذن معروف. فيستفاد من الحديث أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاهد بيده ولسانه وبدنه وقبله أيضًا فإنه يحزن إذا لم يؤمن الناس وهذا جهاد بالقلب, وجاهد بيده وبلسانه في بيان الحق لقوله: "غزونا مع رسول الله".

ومن فوائد الحديث: حل أكل الجراد لقوله: "نأكل الجراد".

فإن قال قائل: لو لم يأت هذا الحديث أتحكمون بحل الجراد أو بتحريمه؟ بحله لأنه الأصل, لكن إذا جاءت هذه الأمثلة تكون كمثال للأصل, وقوله: "نأكل الجراد" لم يشترط شرطًا أن تكون حية, والجراد قد يوجد حيًا وهو الأكثر وقد يوجد ميتًا فهل نأخذ بالعموم, أو نقول إن هذا فعل, والفعل المطلق لا يدل على العموم؟ نقول: يمكن أن نأخذ بالعموم لا على وجه الصيغة الفعلية؛ ولكن لأنه في حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أحل لنا ميتتان ودمان, فأما الميتتان فالجراد والحوت, وأما الدمان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015