1268 - وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقرأ: } وأعذوا لهم مَّا استطعتم من قوة ومن رباط الخيل {[الأنفال: 60] الآية. ألا إنَّ القوة الرَّمي، ألا إنَّ القوَّة الرَّمى، ألا إنَّ القوَّة الرَّمي". رواه مسلم.
يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر، إنما قال هذه الجملة لفائدتين: الفائدة الأولى: أن يؤكد ضبطه للقضية، والثانية: أن يبين أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أعلنه، لأنه على المنبر تلا هذه الآية: } وأعدُّوا لهم مَّ استطعتم من قوةٍ {} وأعدوا {الخطاب للمؤمنين، و} لهم {الضمير يعود على الكفار، } ما استطعتم {أي: ما قدرتم عليه، } مّن قوة {هنا نكرة في سياق الشرط فتكون عامة فتشمل القوة الإيمانية الَّتي هي صدق الإيمان بالله عز وجل والثقة بنصره والتوكل على الله وتفويض الأمر إليه وتشمل أيضًا القوة بإعداد العدة بكثرة الجيوش ومهارتها وما أشبه ذلك وتشمل القوة النهائية وهي الرمي وهي الَّتي نص عليها النَّبيّ صلى الله عليه وسلم حيث قال: "ألا إن القوة الرمي" ووجه كون هذه القوة الغاية: أن الإنسان ينال عدوه من بعد، بخلاف ما إذا كان القتال بالسيوف فإنه عن قرب وربما يصيبه عدوه، لكن إذا كان بالرمي فهو عن بعد فنيل عدوه له يكون أقل احتمالًا وكررها النَّبي صلى الله عليه وسلم تأكيدًا، وإلا فإن خبره الواحد يغني عن التكرار لوجوب تصديق خبره.
ومن فوائد الحديث: أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يفسر القرآن، بمعنى أن تفسير النَّبيّ صلى الله عليه وسلم للقرآن واقع، لقوله: "ألا إن القوة الرمي".
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي لنا نحن المسلمين أن نهتم بالرمي، والرمي في كل مكان بحسبه ففي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم الرمي بالقوس وهو سهم لا يتجاوز ثلاثمائة ذراع أو نحوه أما الآن فالرمي بالصواريخ عابرة القارات وبهذا يجب على المسلمين أن يكون لهم قوة من هذا النوع.
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز الحصر الإضافي، بمعنى: أن يذكر الكلام محصورًا بالنسبة لشيء معين، لقوله: "ألا إن القوة الرمي" فالرسول صلى الله عليه وسلم حصرها بذلك، لكن هذا حصر إضافي، بمعنى: أن هناك قوة سوى هذا، لكن باعتبار الغاية المثلى إنما يكون بالرمي.
هل يستفاد من هذا الحديث طلب تعلم الرمي؟ نعم، لأنه إذا كان الله أمر بذلك وفسر النَّبيّ صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي فهذا يكون داخلًا في أمر الله حيث قال: {وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قوُّة}.