أولياء} [الممتحنة: 1] يعني بذلك: الكفار، لكن هذا لا ينافي جواز مخالفتهم إذا دعت الحاجة إلى ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حالف خزاعة في الصلح الذي وقع بينه وبين أهل مكة في الحديبية.
فإن قيل: ما الجمع بين هذا الحديث الحديث الذي سبق؟
فالجواب: أن حديث ابن عباس خاص في الهجرة من مكة، وأما هذا فعام.
1217 - وعن نافع رضي الله عنه قال: "أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق، وهم غارون، فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم. حدثني بذلك عبد الله بن عمر رضي الله عنه". متفق عليه، وفيه "وأصاب يومئذ جويرية رضي الله عنها".
نافع هو مولى ابن عمر، وأورد المؤلف الحديث على هذه الصيغة على خلاف العادة، لأن الحديث الآن متصل وليس بمرسل، إذ رواه نافع عن ابن عمر، لكن كأنه لما ورد هكذا في الأمهات ساقة على ما ورد: "أغار" الإغارة هي الاندفاع بسرعة على أي شيء كان عدو أو صديق، وقوله: "على بني المصطلق" هم قبيلة من العرب "وهم غارون" أي: غافلون، يعني: أنه لم ينذرهم قبل، بل أغار عليهم وهم غافلون، "فقتل مقاتلتهم" يعني: قتل الذين يقاتلون وهم الرجال البالغون العقلاء الذين ليس فيهم مانع من شيخوخة أو مرض أو ما أشبه ذلك، "وسبى ذراريهم" "الذراراي": هم الصغار من الأولاد وكذلك النساء مطلقًا.
في هذا الحديث فوائد: منها: جواز الإغارة على العدو بدون إنذار، وهذه المسألة تحتاج إلى تفصيل، وذلك أن العدو إما أن يكون قد بلغته الدعوة لنا أن نغير عليه بدون إنذار، وإما ألا تكون الدعوة بلغته فهذا يجب أن ندعوه أولًا ثم نقاتله إذا امتنع، كما يدل عليه حديث بريدة القادم، وعلى هذا يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أغار على هؤلاء القوم بعد أن بلغتهم الدعوة.
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز تبييت الكفار إذا بلغتهم الدعوة، يعني: مهاجمتهم ليلًا ما دامت الدعوة بلغتهم لقوله: "وهم غارون" أي: غافلون لم يتأهبوا للقتال أو يحسبوا له حساب.
ومن فوائد الحديث: قتل المقاتلين، ولكن لو قال قائل: هل لنا أن نأسرهم؟ الجواب: في ذلك تفصيل يوضحه قوله تعالى: ? فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق? [محمد: 4]. وقوله تعالى: ? ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض? [الأنفال: 67]. فإذا