قوله صلى الله عليه وسلم حينئذ: (جاهدوا المشركين) هل هُو خاص بالمشركين أو حتَّى الكفار والمنافقين وغيرهم؟ الثاني، ويكون ذكر المشركين على سبيل التمثيل، ويدل لذلك قوله تعالى: {يأيها النبيُ جهد الكُفار والمنفقين واغلظ عليهم} وهذا يعُمُ أي: كفار.

فيستفاد من الحديث: وجوب جهاد المشركين، أي: بذل الجهد في قتالهم حتى تكون كلمة الله هي العليا.

وفيه من الفوائد: أن الجهاد يكون بالمال والنفس واللسان لقوله: (بأموالكم ..... إلخ)، وهل هذا ينزل على حالات أو على التخيير؟ الظاهر الثاني، لأننا إذا قلنا بأنه على الحالات صار الجهاد بالمال واجبًا على من لا يستطيع ببدنه، وصار الجهاد واجبًا بالنفس على من لا يستطيع بماله، وكذلك يقال في الجهاد باللسان، أما إذا قلنا على التخيير فصار من لم يجاهد بنفسه صار يجاهد بماله، وربما يكون الجهاد بالمال أنفع من الجهاد بالنفس، قد يكون الإنسان جبانًا أو ضعيف الجسم أو غير ذلك وعنده ثروة مالية يستطيع أن يبذل منها في الجهاد فهنا نقول: الأفضل الجهاد بالمال، لأن هذا الرجل ضعيف لا يستطيع المقاومة أو يكون جبانًا، والجبان لا يستطيع المجابهة إذَّا رأى العدو ألقى بالسيف ثُم هرب فهذا لا يصلح للجهاد.

فالحاصل: أن المسلم إذا كان عنده مال وهو ضعيف أو جبان نقول له: جاهد بمالك، أما إذا لم يكن عنده مال ولا قوة بدن فهذا نقول له: جاهد بلسانك، وكم من إنسان يستطيع أن يجاهد بلسانه دون ماله ونفسه، فالظاهر: أنه على التخيير، ولكنه ينظر فيه للمصلحة.

جهاد النساء:

1210 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسُول الله، على النَّساء جهاد؟ قال: نعم، جهاد لا قتال فيه: هو الحجُّ والعُمرة). رواهُ ابن ماجه، وأصلهُ في البُخاريِّ.

فسر الجهاد لهن بأنه الحج، فالحج نوع من الجهاد، لأنه يبذل فيه المال والنفس ويلحق فيه من المشقة جهاد، ولذلك قال الله عز وجل: {وأنفقُوا في سبيل الله ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنُوا إن الله يحب المحسنين} (وأتمُوا الحجَّ والعُمرة لله) فذكر إتمام الحج بعد ذكر الإنفاق في سبيل الله، فدل هذا على أن الحج نوع من الجهاد في سبيل الله.

وقوله: (هُو الحج والعُمرة)، الحج هُو التعبد لله تعالى بقصد مكة والمشاعر لإقامة أعمال معلومة، وهذا أحسن من تعريف من عرفه بقوله: قصد مكة لعمل مخصوص، لأن هذا التعريف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015