من المهم فيما نعده لأعدائنا ألا نتفرق ونحن تحت راية واحدة، وألا نتفرق ونحن تحت رايات، يعني: مثًلا الأمة الإسلامية كم لها من دولة؟ دول كثيرة، بينما هي في صدر الإسلام دولة واحدة لكن تعددت الدول، هذه الدول هل هي متفقة أو مختلفة؟ مختلفة غاية الاختلاف متباينة غايو التباين، ثم الدولة الواحدة هل اتفق شعبها؟ الغالب لا، أحزاب: طوائف من الناحية السياسية، وطوائف من الناحية الدينية والأخلاقية والمنهجية، واخرج من بلادك ترى العجب العجاب، يمكن أن يكون كل قرية ترى نفسها دولة مستقلة في عقيدتها ومنهجها وأعمالها وأحكامها، فكيف مع هذا التفرق نريد أن ننتصر على أعدائنا؟ !
ولهذا يحكى لنا أن هناك كلمة حكيمة يطلقها الإنجليز، يقولون: فرق تسد؛ أي: تكون أنت السيد؛ لأنك إذا فرقت الناس صار الناس يضرب بعضهم بعضًا وأنت تتفرج، وهذا هو الواقع بالنسبة لنا على كثرة المسلمين وما عندهم من القوة وإن كانت لا تضاهي ولا تقارب قوة الكفار لكننا متفرقون، وليس هذا من إعداد القوة لأعدائنا، بل هذا من أسباب الفشل كما قال تعالى: } ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين {] الأنفال: 46 [. ولهذا نحن نحرص دائمًا على تأليف القلوب وعدم الاختلاف وعدم الفوضى الكلامية والقلبية، ونرى أن الناس يغضون عما يحصل من الأشياء التي قد يستنكرونها يرجون بذلك جمع الكلمة؛ لأن جمع الكلمة مهم جدًا لاشك أنه قد مر على بعضكم من النصوص ما يدل على أن الاجتماع من أهم ما يكون للشرع حتى الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يبع بعضكم على بيع بعض"، لماذا؟ لأنه يؤدي إلى التباغض والتنافر، فتجدون أن الشرع ضد كل طريق يكون فيه اختلاف.
1208 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه به، مات على شعبة من نفاق". رواه مسلم.
"من مات" الجملة هذه شرطية، فعلى الشرط فيها "مات"، وجواب اشلرط فيها "مات" الثانية.
قوله: "ولم يغز" أي بالفعل، "ولم يحدث نفسه بالغزو" أي: لو قام الجهاد بأنه سيجاهد إذا قام الجهاد من لم يفعل ذلك مات على شعبة من النفاق، ووجه ذلك: أن المؤمن حقًا هو المجاهد في سبيل الله، أما المنافق فإنه أجبن الناس ولا يمكن أن يجاهد ولا أن يحدث نفسه بالجهاد، ولهذا رجع من الجيش في غزوة أحد نحو الثلث؛ لأنهم كانوا منافقين، فالمنافق لا