وبمن معه من المسلمين خيرًا، ثمَّ يأمره إذا حاصر العدو أن يسلم العدو أو ينزل على حكم الله فيبذل الجزية أو يقاتل، وهذا أمر معلوم، أي: أن قتالنا لأعدائنا ليس لأن يسلموا: } لا إكراه في الدين {، ولكن من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن تكون السيطرة لدين الإسلام: } هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله {] التوبة: 33 [
هذا هو المقصود، فنحن مثلاً إذا أخذنا الجزية على الكفار وقلنا: أعطوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون، فلمن الكلمة العليا؟ لله عز وجل، إذا جاءك اليهودي أو النصراني أو المشرك - على القول الراجح - ذليلاً حقيرًا يسلم الجزية، قوله تعالى: } عن يدٍ {] التوبة: 29 [. ذكرنا فيما سبق أن لها معنيين: المعنى الول: عن قوة متكلم، أي: أنكم تظهرون أمامه بمظهر القوة، والثاني أنَّ} عن يدٍ {أي: أنك تأخذ بيده عندما تأخذ الجزية وتجره لتريه القوة فليس بصحيح.
إذن الجهاد نوعان: جهاد دفاع، وجهاد طلب:
جهاد الدفاع واجب فرض عين بدون تفصيل؛ لأنه يجب أن يدافع عن دينه لأنه دفاع عن النفس وعن بلاد المسلمين، فيجب أن نقاتل - ندافع - حتى من يستطيع الدفاع من النساء أو المراهقين أو ما أشبه ذلك بشرط أن نأمن انهزامهم، فإن خفنا من انهزامهم - كما هو الغالب في النساء ومن لم يبلغ- فإننا لا نمكنهم من القتال.
ولهذا قال العلماء: يجب القتال ويكون فرض عين بأمور أربعة:
الأول: إذا حضر الصف فإن القتال يجب لقول الله تعالى: } يأيها الذين أمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفًا فلا تولوهم الأدبار * ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير {] الأنفال: 15، 16 [. وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم التولِّي يوم الزحف من كبائر الذنوب من الموبقات، إلا أن الله تعالى خفف عن عباده وأذن للمسلمين أن يفروا إذا كان العدو أكثر من مثليهم لقوله تعالى: } الئن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا .. {] الأنفال: 66 [. ولهذا أجاز العلماء الفرار من العدو إذا كان أكثر من الضعف. الثاني: إذا استنفره يعني: إذا قال الإمام: اخرجوا قاتلوا، فإنه يجب على المسلمين أن يخرجوا ويقاتلوا؛ لقوله تعالى: } يأيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل