ومن فوائد الحديث: أن الحدود لا يمكن أن تقال عن أحد ولو كان من ذوي الهيئات لقوله: "إلا الحدود" فالحدود لا تقال عن أحد، حتى لو أن الذي فعل ما يوجب الحد من أقرب الناس إلى ولي الأمر، فإن الواجب عليه أن يقيم عليه الحد وألا تأخذه في الله لومة لائم.
1205 - وعن علي رضي الله عنه قال: "ما كنت لأقيم على أحٍد حدًّا فيموت فأجد في نفسي، إلا شارب الخمر؛ فإنه لو مات وديته". أخرجه البخاريُّ.
قوله: "فيموت" يعني: من إقامة الحد، "فأوجد في نفسي" يعني: أجد في نفسي قلقًا وندمًا إلا شارب الخمر، "فإنه لومات وديته" يعني: لو مات أديت ديته.
وعند أبي داود: قال علي: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسن فيه شيئًا، وإنما قلنا نحن، وهذه الزيادة صحيحة.
في هذا الأثر عن علي دليل على مسائل أولًا: أن الإمام يجب عليه أن يحتاط في إقامة الحد بحيث لا يصل إلى الموت.
وثانيًا: أنه لو مات المحدود بالحد فإنه لا يضمن، لماذا؟ لأن الحد مأذون فيه وما ترتب على المأذون فليس بمضمون، وما ترتب على غير المأذون فهو مضمون وأضرب لكم مثالين لتوضيح القاعدة هذه وهي مفيدة إذا جنى على شخص جناية جرح أو كسر ثم سرت الجناية فهل يضمن الجاني؟ نعم يضمن؛ لأن جنايته غير مأذون فيها، ول أنا اقتصصنا من الاني ثم سرى القصاص إلى أكثر مما اقتصصنا فإنه لا يضمن لأنه مترتب على أمر مأذون فيه. ومن فوائد الأثر: أن عقوبة شارب الخمر ليست بحد؛ لأنه صرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسن فيه شيئًا، ولأنه لو كان حدًّا لم يكن في نفس عليٍّ شيء كسائر الحدود.
ومن فوائد الأثر: أن خطأ الإمام عليه؛ يعني: لو أخطأ في الحكم فإن الخطأ يكون عليه من ضمانه، لقوله: "وديته"، ولكنه ليس بصريح في أنه يكون عليه نفسه، إذ من الجائز أن يكون في بيت المال، ولهذا صرح الفقهاء: أن خطأ لحاكم يكون في بيت المال، لأنه يتصرف للناس، فإذا كان يتصرف لهم فكيف يضمن ما يترتب على فعله مع أنه مجتهد.