بكرًا فسيردعه، وسيُرجم إذا كان محصنًا فسيردعه، فتعريف الحدود أنها عقوبة مقدرة شرعًا في معصية لتكون كفارة للفاعل ورادعة عن الفعل، هذه هي الحكمة من الحدود.
والحدود إقامتها فرض واجب لقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاققطعوا أيديهما} [المائدة: 38]، وهذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب، لا سيما وإن القرينة تؤيده، إذ إن قطع عضو من معصوم حرام، والحرام لا ينتهك إلا بواجب، وكذلك {الزانية والزاني فاجلدوا كلَّ واحدة منهما مائة جلدة} [النور: 2]. يدل على وجوب إقامة الحد، وقد صرَّح أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه على منبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه فريضة حيث قال: "وإن الرجم فريضة على من زنى إذا أحصن"، وعلى هذا فإقامة الحدود واجبة على من؛ يعني: من الذي يخاطب؟ يخاطب بذلك ولي الأمر، فإذا ترك حدًّا من الحدود لم يقمه كان تاركًا لواجب، ثم إن الحدود تجب إقامتها على الشريف والوضيع، والغني والفقير، والحر والعبد، والذكر والأنثى، والقريب من ولي الأمر والبعيد، فهي تجب من ولي الأمر، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم- وهو الصادق البار- بأن فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم لو سرقت لقطع يدها، بدأ المؤلف رحمه الله بحد الزنا فقال:
وذلك لأن الزنا فاحشة وسقوط، وسفول للإنسان وشر مستطير في المجتمع، فكان أولى أن يُبدأ به، والزنا: "فعل الفاحشة في قبل أو دبر" هذا تعريفه، ولكن لا بد أن يكون من يكون من آدمي، فلا يعتبر فعل الفاحشة في البهيمة زنا، ولهذا لا يجب الحد على من أتى البهيمة.
1159 - عن أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهنِّي رضي الله عنه: "أنَّ رجلًا من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أنشدك بالله إلا قضيت لي بكتاب الله، فقال الآخر- وهو أفقه منه-: نعم، فاقض بيننا بكتاب الله، وأذن لي، فقال: قل: إن ابني كان عسيفًا على هذا فزنى بامرأته، وإنّي أخبرت أنّ على ابني الرَّجم، فاقتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم، فأخبروني: أنَّ ما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأنَّ على امرأة هذا الرَّجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، لأقضينَّ بينكما بكتاب الله، والوليدة والغنم ردٌّ عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها". متفق عليه، وهذا اللفظ لمسلم.
الرجل هنا مبهم، ونحن لا يعنينا المبهم، إذ لا يتغير بإبهامه الحكم، فإذا صار ذكره أو