وأستريح فيطلق فنقول: هذا لا طلاق عنه؛ لأنه في إغلاق من أشد ما يكون من الإغلاق فإذا جاء يستفتي فإننا نقول لا طلاق عليك قال: أنا قلت: زوجتي طالق قلنا لا طلاق عليك إلا طلقت بإرادة جازمة تامة وذهبت للمأذون وقلت: أكتب الطلاق وهذا لا يقع منهم؛ لأنهم من هذا يفرون ولا يريدون الطلاق لكن غصبًا عنهم مثل ما يفعل بعض الناس يشك في الحدث وهو على طهارة ثم يحدث يقول لنفسه اضرط وتوضأ وإلا مس الذكر وتوضأ واذهب للحمام وبل أو تغوط لأجل أن يستريح من هذه الضائقة التي اتبعته، كل هذا من الشيطان؛ لأن دواء هذا ليس أن تستسلم للشيطان وتعطيه ما أراد دواء هذا ذكره الطبيب- عليه الصلاة والسلام- قال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا"، هذا الدواء أن تدع هذا الشيطان ووساوسه، وقال في الوساوس العقيدية التي تصيب الإنسان في القلب ويقول في الله ما لا يليق به أمر أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وينتهي، هذا هو الدواء.
ومن ذلك أيضًا: طلاق السكران فهو لاشك أنه ليس بعاقل لا يعلم ما يقول لقول الله تعالى: {يا أيها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكاري حتى تعلموا ما تقولون} [النساء: 43]. ومر ناضحان لعلي بن أبي طالب بحمزة بن عبد المطلب عم علي وعم الرسول صلى الله عليه وسلم وكان قد سكر حمزة وعنده جاريتان تغنيان فلما أقبل الناضحان كانت من جملة غنائهما ألا يا حمز للشرف النواء يهيجنه على أن يذبح البعيرين فقام رضى الله عنه وجب أسنمتهما وأطنه بقر بطونهما فجاء علي بن أبي طالب يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم عمك فعل كذا وكذا فقام النبي صلى الله عليه وسلم إليه ومعه أصحابه فلما وقف عليه وإذا الرجل قد ثمل يعني تأثر بالخمر فلما كلمه قال له حمزة: هل أنتم إلا عبيد أبي يقوله للنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أشرف إنسان عنده ويجله إجلالًا عظيمًا ويقول هل أنتم إلا عبيد أبي فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الحال تأخر وتركه هل هو آخذه على ذلك؟ لا؛ لأنه لو أخذه لكان ردة لم يؤاخذه لأنه سكران والسكران لا يعلم ما يقول، فإذا طلق السكران زوجته فإنه لا يقع طلاقه لأنه لا يعلم ما يقول فضلًا عن أن ينوي ما يقول وهذا القول هو الصحيح الذي روي عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان وعن جماعة من الصحابة وهو القياس الصحيح والمشهور من المذهب أن طلاق السكران يقع، وعللوا ذلك بتعليل عليل، قالوا: لأن هذا السكر نشأ عن فعل محرم فلا ينبغي أن يكون محلًا للرخصة، ولهذا لو شرب سكرًا جاهلًا به ثم سكر وطلق فليس عليه طلاق ولكن الصحيح أنه لا طلاق عليه؛ لأن عقوبة شارب الخمر