الجواب: لا؛ وذلك لأن اللفظ موضوع لغير الطلاق ولهذا لا يتبادر منه الطلاق فلا يقع الطلاق بالكناية بمجرد التلفظ بها، لو قال لزوجته بدون أي سبب الحقي بأهلك هل يقع الطلاق؟ لا ما دام لا نوى ولا هناك سبب يجعل الظاهر من اللفظ هو الطلاق فالطلاق حينئذ لا يقع لأن مجرد الحقي بأهلك يريد حتى يهدأ غضبه أو حتى تهدأ هي إن كانت هي الغاضبة أو لأن أهلها دعوها فقال الحقي بأهلك المهم أنه بمجرد أن يقول الحقي بأهلك إذا لم ينو الطلاق ولم يكن هناك سبب يوجب حمل اللفظ على الطلاق فإنه ليس بطلاق، الحديث الذي معنا هل هناك سبب يحمل لفظ الحقي بأهلك على الطلاق؟ نعم ما هو؟ استعاذتها بالله من الرسول صلى الله عليه وسلم هذا يقتضي أن يكون المراد باللفظ الطلاق ولهذا قال العلماء يقع الطلاق بالكناية في أحوال ثلاث: أولًا: إذا نوى وهذا ظاهر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات ... "الحديث.
ثانيًا: إذا طلبت الطلاق قالت: "طلقني" فقال: "الحقي بأهلك"، فإن سؤالها الطلاق وبناء الكلام على الجواب على ذلك يقتضي أنه أراد الطلاق لكن لو أراد غيره في هذه الحال وقال: أنا لم أرد بقولي الحقي بأهلك أنها تطلق إنما أردت تفارق عن وجهي حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا فحينئذ لا يقع الثالث إذا كان له سبب وسببه يقتضي الطلاق يعني: ليس جوابًا، سؤال: غاضبته مثلًا فقال: "الحقي بأهلك" هذا سبب عن مغاضبة سبب يقتصي أن يطلقها فقوله: "الحقي بأهلك" له سبب يؤيد أن يكون المراد الطلاق فيعمل بهذا السبب، ودليل هذه المسألة الأخيرة الحديث الحقي بأهلك، لو قالت: يا فلان طلقني طلقني طلقني قال: فارقي ولا يدري ماذا نوى فهل يقع؟ يقع لأن المغاضبة سبب فيقع فارقي طلاق لأن الطلاق فراق، لو قال قائل: كيف تطلق وهو ما نوى؟ قلنا: الكناية يقع به الطلاق في ثلاث أحوال: النية والسبب الذي يقتضي الطلاق وجواب، سؤال، هل النبي صلى الله عليه وسلم لما قال الحقي بأهلك لا شك أنه أراد الطلاق فيما يظهر لنا. فهذا الرجل لما غاضبته غضب وقال: "الحقي بأهلك" أو فارقي، لكن لو قال أنا نويت غير الطلاق أو لم أنو الطلاق فهنا ندينه.
يقول الراجز:
وكل لفظٍ لفراقٍ احتمل ... فهو كناية بنية حصل
هذا تعريف الكناية: كل لفظ يحتمل الفراق فهو كناية، فلو قال: أعطني القهوة وقال: نويت الطلاق، لا تقبل نيته؛ لأن اللفظ لا يحتمل الفراق.