أن يعيذه لقوله صلى الله عليه وسلم: "من استعاذ بالله فأعيذوه" فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لقد عذت بعظيم" وهو الله- سبحانه وتعالى- أعظم العظماء وهو يعيذ من استعاذ به الحقي بأهلك يريد الطلاق، يعني: اذهبي لأهلك أنت مطلقة.
فيستفاد من هذا الحديث: أولًا: أن الإنسان قد يحرم الخير- والعياذ بالله- بمقالة يقولها؛ لأن هذه المرأة قالت: "أعوذ بالله منك" فحرمت أن تكون من أمهات المؤمنين.
ومن فوائده: شدة تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لربه حيث قال: "لقد عذت بعظيم" وأعاذها.
ومن فوائده: أن قول الرجل لامرأته الحقي بأهلك بنية الطلاق يعتبر طلاقًا ودليله من السنة قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات" ... الحديث.
فإن قال قائل: لو أخذنا بالعموم لكان الرجل إذا قال: والله لا ألبس الثوب ثم لبس الثوب فقلنا له: حنثت قال أردت بقولي والله لا ألبس الثوب أي لا آكل الخبز قال: "إنما الأعمال بالنيات"، فنقول: نعم، بشرط أن يكون اللفظ محتملًا للنية التي نواها أما إذا كان غير محتمل فلا يصح الحقي بأهلك هل هو محتمل للطلاق؟ نعم؛ لأن الطلاق فراق الزوجة لزوجها إلى أهلها ففيه احتمال للطلاق فلهذا إذا نوى به الطلاق فهو طلاق، أخذ العلماء من هذا أن الطلاق صريحًا وكناية يعني: صيغة صريحة، وصيغة كناية فما هو الصريح؟ الصريح ما لا يحتمل غيره أو ما يتبادر إلى الذهن من اللفظ وإن كان يحتمل غيره، هذا الصريح الكناية على العكس من ذلك ما يتبادر إلى الذهن سوى الطلاق لكن تحتمل النية وعلى هذا، فإذا قال الإنسان لزوجته: أنت طالق فهذا صريح لأنه يحتمل غيره لكن ما الذي يتبادر إلى الذهن؟ الطلاق يحتمل أنت طالق، يعني: غير مقيدة؛ ولهذا لو قال الرجل بعيري طالق المعنى: أنه غير مقيد، فاللفظ هنا مجرد لا شك أنه يحتمل غير الطلاق، لكن لما أضيف إلى المرأة صار المتبادر منه طلاق المرأة فيكون صريحًا، إن الألفاظ في الحقيقة تتقيد بالأعراف نحن عندنا هنا في القصيم إذا قال خلى زوجته أو هي مخلاة فهو طلاق صريح، العامة الآن إذا طلق رجل زوجته ما يقول طلقت يقول مخلاة فعلى هذا يكون صريحًا وعند قوم آخرين لا يعرفون هذه الكلمة فيكون كناية فصارت الكناية الآن ما يتبادر إلى الذهن سوى الطلاق، لكن يحتمل الطلاق وعكسه الصريح ما يتبادر إلى الذهن منه الطلاق ويحتمل غيره لكنه خلاف الظاهر.
بقي أن يقال: هل يقع الطلاق بالكناية بمجرد التلفظ بها.