قَالَ: «كتاب»؛ وذلك لأنه يتضمن أبوابًا كثيرة، وقد ذكرنا فيما سبق أن العلماء يصنفون التأليف إلى كتاب وباب وفصل، والفرق بينها: أن الكتاب جنس يشمل أنواعا كثيرة، مثلا: كتاب الطهارة يشمل المياه، الأواني، الاستنجاء، الوضوء، الغُسل، التيمم، إزالة النجاسة، الحيض، فالباب يتضمن نوعًا من جنس مثل كتاب المياه هو نوع بالنسبة للطهارة، الوضوء هو نوع بالنسبة للطهارة وهكذا، أما الفصل فهو جملة مسائل من نوع واحد يعمد المؤلفون إليه إما لطول الباب، وإما لأهمية المسائل؛ لأن التفصيل في التأليف بقولك: فصل كذا، فصل كذا، فصل كذا، هذا يؤدي إلى عدم الملل والسآمة. وقد ذكر المؤلف هنا كتاب النكاح لأنه جنس يتضمن أشياء كثيرة كما سيأتي.
أولاً: نتكلم عن حكم النكاح وسيأتي في حديث ابن مسعود، لكن ما هو تعريف النكاح؟ أصله من الاجتماع، يقال: تناكح القوم، يعني: اجتمعوا فيما بينهم، وأما في الشرع فهو اجتماع بين رجل وأنثى على صفة مخصوصة، هذه الصفة: هي ما دل عليه الشرع من عقد النكاح بشروطه المعروفة.
حكم النكاح:
924 - عن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: قال لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، من اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فإنه له وِجَاءٌ». متفق عليه.
قوله: «لنا» يعني: لنا نحن معشر الشباب الصغار من الصحابة، قَالَ: «يا معشر» «معشر» بمعني: طائفة، وقوله: «الشباب» هنا جمع شاب، ويُحتمل أن يكون مصدرا، فيكون معشر بمعنى: يا أصحاب الشباب، والشاب يُطلق على مَن تجاوز البلوغ إلى ثلاثين سنة، وبعضهم قال: إلى أربعين سنة ثم يكون كهلاً ثمّ شيخا.
«من استطاع منكم الباءة فليتزوج» وخصّ الشباب بالخطاب؛ لأنهم هم الذين يحتاجون إلى ما وجههم إليه، فالشهوة فيهم أكثر من الشهوة في الشيوخ، «الباءة» أي: قدر على الباءة،