ذلك قول النبي - عليه الصلاة والسلام-: "إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها". هذا حمد على ماذا؟ على الإنعام.
المؤلف رحمه الله هنا حمد الله على إنعامه وقوله: "لله" ماذا نقول في اللام؟ نقول في اللام أنها تحمل معنيين:
المعنى الأول: الاختصاص.
والمعنى الثاني: الاستحقاق.
أما المعنى الأول: فإن المختص بالحمد الكامل من جميع الوجوه هو الله عز وجل، يحمد غير اله لكن حمدا مقيدا وليس على كل حال، أما الرب عز وجل فيحمد على كل حال، لأنه كامل الصفات والإنعام.
كذلك أيضا للاستحقاق يعني: أن تخصيصنا الرب عز وجل بكامل الحمد لأنه مستحق له وهو أهل له - سبحانه وتعالى- أما "الله" فيقال: إن أصلها "إله"، ولكن لكثرة الاستعمال فحذفت الهمزة تخفيفا، وذكروا لذلك مثالا آخر وهو "الناس" وأصلها الأناس، وحذفت الهمزة تخفيفا لكثرة الاستعمال، وعلى هذا إذا كانت "الله" بمعنى الإله أصلا فإنها فعال بمعنى مفعول فإله بمعنى: مألوه، أي: معبود محبب محبوب معظم، وليست إله بمعنى: آله كما زعم ذلك المتكلمون؛ لأنهم يفسرون الإله بأنه القادر على الاختراع وهذا خطأ عظيم، ولكن معنى الإله: المعبود حقا.
وقوله: "على نعمه الظاهرة". "نعمه" هذه مفرد مضاف فيشمل جميع نعمه الدينية والدنيوية، الظاهرة والباطنة.
الظاهر: ما يظهر للناس.
والباطن: ما يخفى على الناس، ونعم الله - سبحانه وتعالى- لا تعد هي كما قال المؤلف ظاهرة وباطنة كما قال عز وجل: {وأسبغ عليكم نعمه ظهرة وباطنة} [لقمان: 20]. فالظاهرة: ما يظهر للعيان ويشاهدها الناس. والباطنة: ما دون ذلك.
فمن الظاهرة: الأمن والرخاء والقوة، والأكل والشرب وما أشبه ذلك، ومن النعم الباطنة: نعم الدين تحقيقا لما في القلب من الإنابة إلى الله، والتوكل على الله والإخلاص وما أشبه ذلك، هذه نعم لا يعلمها الناس، لا يعلمها إلا الله عز وجل، هذه هي النعم الباطنة.
وقوله: "قديما" أي: سابقا، "حديثا" أي: لاحقا، وفي قوله: "حديثا" براعة استهلال وهي