ليس بثمن كما في حديث فضالة بن عبيد في شراء القلادة من الذهب بأثني عشر ديناراً فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع حتى تفصل؛ لأن فيها خرزاً.
والظاهر لي- والله أعلم- أن نقول: العلة في الذهب والفضة أنها ذهب وفضة فيجرى الربا في الذهب والفضة مطلقاً كما جاء به النص سواء كان ثمناً أو كان حلياً أو تبرا أو غير ذلك يجري في الربا بكل حال، أما إذا كان هناك أثمان من غير الذهب والفضة فإنها تلحق به إلحاقاً في أن العلة هي الثمينة؛ يعني: فيه شبهة قوية، ولأننا لو لم نلحق هذه الأثمان بالذهب والفضة لأرتفع الربا غالباً في الوقت الحاضر؛ لأن الناس الآن لا يتعاملون إلا بالأوراق النقدية، وإذا قلنا: ليس فيها ربا معناه: أن هذه البنوك ليست تتعامل بشيء محرم لأنه ليس في الورق ربا، والفقهاء- رحمهم الله- قالوا: إذا كان النقد من الذهب والفضة فيه الربا ربا الفضل وربا النسيئة، وأما إذا كان النقد غير ذهب ولا فضة ففيه ربا النسيئة دون ربا الفضل فقالوا: ليس في الفلوس ربا إلا أن تكون نافقة يعني: دارجة متداولة ففيها ربا النسيئة دون ربا الفضل، وبعضهم عبر بقوله: لا ربا فيها مطلقا، لكن القول الأول أنه يجري فيها ربا النسيئة دون ربا الفضل هو الصحيح، وعلى هذا فالأوراق النقدية لا يجري فيها ربا النسيئة، قول متوسط، ليس كقول من يقول: إنها عروض مطلقاً ليس فيها ربا وليس فيها زكاة، وليس كقول من يقول: إنها كالذهب والفضة فيها ربا فضل ونسيئة، بل هذا وسط بين القولين أنه يجري فيها ربا النسيئة دون ربا الفضل، يعني: لا يجوز أن أصرف نقداً بنقد غائباً بناجز، ولكن يجوز أن أصرف عشرة بثمانية ناجزاً يداً بيد أو أكثر أو أقل؛ لأن هذه الأشياء ليس لها قيمة ذاتية، إنما قيمتها تبع للعرض والطلب أو سبب لما تقرره الدولة أو الحكومة، فمثلاً عندنا قدرت الحكومة أن الورقة ذات الريال الواحد تقدر بريال واحد من المعدن ولو شاءت لقالت: تقدر بريالين كالنصف والربع/ فهذا تقويم نظامي فقط، وعلى هذا فيمكن أن يكون خاضعاً للعرض والطلب، فإذا رخصت الأوراق صار صرف هذه العملة النقدية أرخص، وإذا غلت صارت أغلى، وأنا أذكر أن الناس كانوا يفضلون الورق النقدي على الريال الفضي، والآن الريال الفضي يساوي عشرة ريالات ورقية.
فأصبح الأقوال في هذه المسألة: أن العلة في الذهب والفضة كونها ذهباً وفضة، يعني: هذا الجنس يجري فيه الربا على كل حال، ثم لشبهة علة الثمنية أن أقول: ما جعل ثمناً في الأشياء وقيمة فإنه يجري فيه ربا النسيئة دون ربا الفضل؛ لان الأصل الحل: {وأحل الله البيع} حتى نتيقن أنه يدخل في الأموال الربوية، ولولا الفساد الكبير لقلنا: إنه لا يجري فيه لا ربا الفضل ولا ربا النسيئة، لكن لا شك أن هذا القول يترتب عليه فساد عظيم، يترتب عليه حل، ويترتب