هذا عد، فقالوا: الذهب والفضة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم تباع بالوزن وتباع بالعد، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «وزناً بوزن سواء بسواء»، فالعلة في الذهب والفضة هو الوزن، وعلى هذا فكل موزون فهو ربوي، الحديد ربوي، والنحاس والرصاص كله ربوي، لأن العلة هي الوزن، العلة في البعضية الكيل، قالوا: فكل مكيل فإنه ربوي سواء مطعوماً أو غير مطعوم حتى الأشنان مثلاً تغسل به الثياب يجري فيه الربا، حتى الحنة الذي تمشط به المرأة يكون فيه ربا؛ لأنه مكيل، ولا عبرة بالأكل أو الاقتيات وهذا هو المشهور من مذهب الأمام أحمد بن حنبل رحمه الله، إذن إما غير معلل أو هو معلل، والعلة: الكيل والوزن.
وقال بعض العلماء: العلة في الذهب والفضة الوزن، والعلة فيما عداهما الطعام، يعني: مطعوم يؤكل، وعلى هذا سيجري الربا في كل ما يؤكل سواء كان مكيلاً أم غير مكيل، ولا يجري فيما لا يؤكل ولو كان مكيلاً، بناء على هذا القول الأشنان والسدر والحنة ليس فيه ربا، البرتقال والتفاح والرمان فيه ربا؛ لأنه مأكول مطعوم، فالعلة الطعام الرز البر والشعير فيه ربا على القولين جميعاً؛ لأنه مكيل ومطعوم.
القول الرابع يقول: العلة الاقتيات أنه مطعوم، ويقتات يعني: يتخذ قوتاً يأكله الناس على أنه قوت لا على أنه تفكه، وعلى هذا فنقول: إذا وجد شيء يكال أو يوزن لكنه ليس قوتاً للناس فإنه ليس فيه ربا، وهذا مذهب مالك رحمه الله وإليه يميل شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم أن العلة هي القوتمع الكيل فإذا لم يوجد إحدى العلتين فإنه ليس فيه ربا.
وإذا دققت النظر وجدت أن الأشياء الأربعة التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم البر والشعير والتمر والملح وجدت أنها مكيلة لا شك وأنها مطعومة يقتاتها الناس.
والقول الخامس: أن العلة في الذهب والفضة الثمينة أنها ثمن الأشياء وقيمة الأشياء والعلة في الأربعة أنها قوت للناس يقتاتونها وليست من الكماليات، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية، ولكن على ذلك القول يجري الربا في كل ما كان أثماناً سواء كان من الذهب أو من الفضة أو من الحديد أو من الخشب أو من الورق أو من أي شيء ما دام جعل ثمناً للأشياء ففيه الربا، وما كان قوتاً ففيه الربا، وما ليس بقوت فلا ربا فيه، وما ليس بثمن فلا ربا فيه، وهذا القول لا بأس به لكنه يرد عليه أنه ثبتت السنة بجريان الربا في الذهب وليس بثمن ويعني: وهو