الخيار اسم مصدر اختار وليس مصدراً؛ لأن المصدر اختيار، وأما خيار فهو اسم مصدر، واسم المصدر عندهم: هو ما دل على معنى المصدر واشتمل على حروفه الأصلية دون الزائد، الخيار اسم مصدر اختار واختار بمعنى: أخذ بخير الأمرين، فنقول مثلاً: اخترت كذا دون كذا؛ أي أخذت بما أراه خيراً، والخيار أقسام منها: خيار المجلس، وإليه الإشارة في قوله:
خيار المجلس:
792 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تبايع الرجلان، فكل واحدٍ منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً، أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا، ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع». متفق عليه، واللفظ لمسلمٍ.
قال: «إذا تبايع الرجلان» أي: عقدا صفقة بينهما، والرجلان هنا وصف أغلبي فلا يكون له مفهوم، بل يشمل الحكم حتى المرأتين، وقوله صلى الله عليه وسلم: «فكل واحد منهما» أي: من البائع والمشتري، "بالخيار" بين الإمضاء وارد، "ما لم يتفرقا" أي: من مكان العقد، هذا هو الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم، وليس عن عقد البيع؛ فإن بعض العلماء يقول: "ما لم يتفرقا" عن عقد البيع؛ يعني: ما لم يحصل الإيجاب والقبول، فإن حصل الإيجاب والقبول فلا خيار، وهذا التفسير بعيد لفظاً وبعيد معنى؛ لأنه لا يقال فيمن عقد عقداً فأوجب أحدهما وقبل الآخر لا يقال: تفرقا، وأيضاً لا يصدق عليهما أنهما تبايعا حتى يتم الإيجاب والقبول فلا تبايع إلا بإيجاب وقبول، وعلى هذا يكون المراد: ما لم يتفرقا بأبدانهما، ويؤيد ذلك قوله: "وكانا جميعاً"، فإن هذه الجملة كالتفسير للجملة التي قبلها، والتفرق قلنا: إنه عن مكان العقد، فإذا قاما عن مكان العقد جميعاً فهل نقول: تفرقا، يعني: هما فارقا مجلس العقد، ولكنهما لم يتفرقا، إذا كانا في الطائرة مثلاً وتعاقدا في الطائرة وزمن الطيران عشر ساعات يكونان بالخيار لمدة عشر ساعات؟ نعم، كما لو كانا جالسين في هذا المكان لمدة عشر ساعات.
وهل يحصل التفرق بالنوم، كما تبايعا وهما يفرشان فراشهما وقبلا وتم البيع وناما ولما استيقظا قال أحدهما: رجعت، هل يملك ذلك؟ هل تفرقا؟ لا لم يتفرقا، لكن مثل هذا ينبغي أن يقال: إذا خيف الإشكال فلتكن على الحال الأخرى.